أثناء مشكلة مع زوجي قلت له كلمة ما، فقال لي: على فكرة أنا حالف عليك طلاقًا أن لا تقولي هذه الكلمة. مع العلم أنني متأكدة أنه لم يحلف بذلك. وبعد انتهاء المشكلة قال لي: أنا لم أحلف أبدًا بذلك ولكن لكي أمنعك من قولها مرةً ثانية! فما الحكم؟
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه؛ أما بعد:
فإن من أخبر كاذبًا بالطلاق فعليه إثمُ الكذب، ولا يلزمه من ذلك طلاقٌ، في أصح قولي العلماء، لأنه لم يُنشئ طلاقًا ولم يعزم عليه.
ونصيحتي أن لا تَحمِلي زوجَك على الدخول في هذه المضايق، أحسني التبعُّل له(1)، وأحسني الطاعةَ له حسبة الله عز وجل، فإنما هو جنَّتُك أو نارك(2). واتخذي من ذلك سبيلًا إلى ربك.
وفقك الله لكلِّ خير. والله تعالى أعلى وأعلم.
______________________
(1) فقد أخرج البيهقي في «شعب الإيمان» (6/ 421) حديث (8743)، وابن عبد البر في «الاستيعاب» (4/1787 – 1788) حديث (3233) من حديث أسماء بنت يزيد رضي الله عنها: أنها أتت النبي صلى الله عليه وسلم وهو بين أصحابه فقالت: بأبي أنت وأمي، إني وافدة النساء إليك، وأعلم نفسي لك الفداء أنه ما من امرأة كائنة في شرق ولا غرب سمعت بمخرجي هذا أو لم تسمع إلا وهي على مثل رأيي، إن الله بعثك بالحق إلى الرجال والنساء، فآمنا بك وبإلهك الذي أرسلك، وإنا معشر النساء محصورات مقصورات، قواعد بيوتكم ومقضى شهواتكم وحاملات أولادكم، وإنكم معاشر الرجال فُضلتم علينا بالجُمع والجماعات، وعيادة المرضى وشهود الجنائز، والحج بعد الحج، وأفضل من ذلك الجهاد في سبيل الله، وإن الرجل منكم إذا أخرج حاجًّا أو معتمرًا ومرابطًا حفظنا لكم أموالكم وغزلنا لكم أثوابكم وربينا لكم أولادكم، فما نشارككم في الأجر يا رسول الله؟ فالتفت النبي صلى الله عليه وسلم إلى أصحابه بوجهه كله، ثم قال: «هَلْ سَمِعْتُمْ مَقَالَةَ امْرَأَةٍ قَطُّ أَحْسَنَ مِنْ مَسْأَلَتِهَا فِي أَمْرِ دِينِهَا مِنْ هَذِهِ؟». فقالوا: يا رسول الله، ما ظنننا أن امرأة تهتدي إلى مثل هذا. فالتفت النبي صلى الله عليه وسلم إليها ثم قال لها: «انَصْرِفِي أَيَّتُهَا الْـمَرْأَةُ وَأَعْلِمِي مَنْ خَلْفَكِ مِنَ النِّسَاءِ أَنْ حُسْنَ تَبَعُّلِ إِحْدَاكُنَّ لِزَوْجِهَا وَطَلَبَهَا مَرْضَاتَهُ وَاتِّبَاعَهَا مُوَافَقَتَهُ تَعْدِلُ ذَلِكَ كُلَّهُ». فأدبرت المرأةُ وهي تهلل وتكبر استبشارًا.
(2) فقد أخرج أحمد في «مسنده» (4/ 341) حديث (19025)، والحاكم في «مستدركه» (2/ 206) حديث (2769)، من حديث الحصين بن محصن رضي الله عنه: أَنَّ عَمَّةً لَهُ أَتَتِ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فِي حَاجَةٍ فَفَرَغَتْ مِنْ حَاجَتِهَا، فَقَالَ لَـهَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «أَذَاتُ زَوْجٍ أَنْتِ؟» قَالَتْ: نَعَمْ. قَالَ: «كَيْفَ أَنْتِ لَهُ؟» قَالَتْ: مَا آلُوهُ إِلَّا مَا عَجَزْتُ عَنْهُ. قَالَ: «فَانْظُرِي أَيْنَ أَنْتِ مِنْهُ فَإِنَّمَا هُوَ جَنَّتُكِ وَنَارُكِ»، وقال الحاكم: «صحيح ولم يخرجاه»، وذكره الألباني في «صحيح الجامع» (1509).