أبي : زوَّج أختي ودفع لها مبلغًا لتجهيزها، ثم مات، والآن أُريد أن أتزوَّج، فهل آخذ نفس المبلغ الذي تزوَّجَتْ به أختي لكي أجهز نفسي به ثم يوزَّع الميراث علينا بالتساوي؛ لأنه لو وزع الميراث بدون أخذ هذا المبلغ يكون أبي : لم يُسوِّ بيننا في العطيَّة، وهي قد أخذت أكثر مني، أم كان يجب على أبي أن يضع لي نفس المبلغ في البنك؟ ما هو الصَّواب في مثل هذه الأمور؟
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه و من والاه؛ أما بعد:
فإن الذي يلزم الوالدَ أن يُوفِّر لكلِّ ولدٍ من أولاده ما يحتاجه في حينه ما دام قادرًا على ذلك: فمن احتاج إلى تعليمٍ علَّمه، ومن احتاج إلى إعانةٍ في زواجٍ أعانه، ومن احتاج إلى رعايةٍ طِبية بذلها له، ولا يلزم أن كلَّ درهم أنفقه على حاجةِ أحدِ أولاده أن يدَّخر مثله أو مقابله لبقيَّة أولاده.
وبناءً على ذلك فهذا الذي تذكره ليس بالأمر الواجب الذي لا مندوحة منه؛ فقد أدَّى والدكم- رحمه الله- واجبَه تُجاهكم، فزوَّج من كان في سنِّ الزَّواج، وعلَّم من احتاج إلى تعليمٍ، أمَّا من كان صغيرًا لا يحتاج في وقته الرَّاهن إلى زواجٍ ولا إلى مصروفات دراسيَّة فلا يلزم ادِّخار مبلغ الزَّواج أو مبلغ التَّعْليم وحجزه له، ولكنه إن فعل فقد أحسن، ويكون ذلك من تمام تحقيق العدالة، ولكن يجمل من الورثة إن اختار اللهُ والدهم إلى جِواره قبل أن يكمل رسالته مع جميع أولاده- أن يفعلوا ذلك فيما بينهم تطييبًا للخواطر ورعايةً للرحم ومنعًا لنزغات الشَّيطان ووسوساته.
زادكم اللهُ حبًّا وترابطًا. واللهُ تعالى أعلى وأعلم.