أخ في الله محتاج لزرع كلية ولا يملك المال لشرائها وأريد أن أتبرَّع له حُبًّا مني لأراه سعيدًا معافًى. ما حكم هذا في شرعنا؟ وجزاكم اللهُ خيرًا.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه و من والاه؛ أما بعد:
فاعلم- وفَّقك الله- أن أجزاء الآدمي معصومة لا يجوز أن تكونَ سلعة تُباع وتشترى، وإنما توهب لمن احتاج إليها لإنقاذ حياته أو لاستعادة وظيفة من وظائف أعضائه الأساسيَّة، ما دام يغلب على الظَّنِّ انتفاع المتبرَّع إليه وعدم تضرُّر المتبرِّع تضررًا فادحًا يفوق المصلحة المترتبة على نقل العضو إلى المتبرَّع إليه، وقد نظر المجمع الفقيُّ برابطة العالم الإسلامي هذه القضية وانتهى فيها إلى القرار التَّالي:
أوَّلًا: إن أَخْذ عضو من جسم إنسان حيٍّ وزرعه في جسم إنسان آخر مضطر إليه لإنقاذ حياته أو لاستعادة وظيفةٍ من وظائف أعضائه الأساسيَّة- هو عملٌ جائز لا يتنافى مع الكرامة الإنسانيَّة بالنِّسْبة للمأخوذ منه، كما أن فيه مصلحةً كبيرة وإعانة خيرة للمزروع فيه، وهو عمل مشروع وحميد إذا توافرت فيه الشَّرائط التَّالية:
1- ألا يضُرَّ أخذُ العضو من المتبرِّع ضررًا يُخِلُّ بحياته العاديَّة؛ لأن القاعدة الشَّرعيَّة أن الضَّرَر لا يُزال بضررٍ مثله ولا بأشدَّ منه، ولأن التَّبرُّع حينئذٍ يكون من قبيل الإلقاء بالنَّفس إلى التَّهلكة، وهو أمر غير جائزٍ شرعًا.
2- أن يكونَ إعطاءُ العضو طوعًا من المتبرِّع دون إكراه.
3- أن يكونَ زرع العضو هو الوسيلة الطِّبِّيَّة الوحيدة الممكنة لمعالجة المريض الـمُضطر.
4- أن يكونَ نجاحُ كلٍّ من عمليتي النزع والزرع محققًا في العادة أو غالبًا.
فلا حرج عليك في التَّبرُّع المذكور بالضَّوابط المبيَّنة آنفًا.
نسأل الله أن يتقبَّله منك بقبول حسنٍ، وأن يكلل هذه العملية بالنَّجاح، وأن يجعلكما يوم القيامة إخوانًا على سرر متقابلين. واللهُ تعالى أعلى وأعلم.