كان لي استفسار بخصوص الاستحلام، علمًا بأني أحاول أن أقلع عن العادة السرية، والآن أنا استطعت أن أنتهي عنها ولكن من الممكن أن أفعلها كل شهر مَرَّة ومن الممكن أن يكون أكثر من شهرين ولكن هذا يكون بسبب عدم الاحتلام، فقد يُحدث كبتًا داخليًّا قويًّا.
السُّؤال: ماذا إذا ما حلمت بحلم فيه ما فيه من مشاهد مثيرة، واستيقظت قبل أن يخرج المنيُّ بعد ما قد رأيته في الحلم، واستيقظت وأنا في آخر درجات النشوة ولكن لم ينزل المني، وهذا يُرهقني ويرفع من نبضات قلبي كثيرًا ويُسبب لي أرقًا في النَّوْم؛ لأني أظل أتذكر هذا الحلم دون أن يخرج مني. هل يجوز أن أستمني بنفسي حتى أُريح جسدي من هذا الضغط؟ مع العِلْمِ بأني أستيقظ وأنا في غاية الإثارة وأكون قد وصلت إلى نشوتي، ويبقى أثر ذلك في ذهني مدةً طويلة تصل إلى ثلاثة أيام، وفي بعض الأحيان أحتلم ثم أستيقظ والمني يخرج ولكني أكون قد استيقظت وأترك نفسي حتى يتوقف المني ولكني أكون مستيقظًا وأبدأ بضم العضلة ثم أتركها حتى يخرج كل المني الناتج عن الحلم.
وماذا إذا حدث احتلام عادي أو من النوع الثَّاني واستيقظت وكان بعد الفجر ثم نمت مَرَّة أخرى ولم أغتسل؟ هل إذا توفَّاني الله أكون قد مت على معصية؟ أو هل أكون آثمًا لأني لم أستيقظ حتى أغتسل؟ جزاك الله خيرًا.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه و من والاه؛ أما بعد:
فاجتهد- بارك الله فيك- في الإقلاع عن العادة السرية، وعجِّل بالزَّواج ما استطعت إلى ذلك سبيلًا، فقد قال ربُّك جلَّ وعلا: ﴿وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ * إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ * فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ﴾ [المؤمنون: 5- 7]، فكلُّ استفراغٍ للشهوة في غير هذا السَّبيل المذكور في الآية فأصحابه من العادين، وقال تعالى: ﴿وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ نِكَاحًا حَتَّى يُغْنِيَهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ﴾ [النور: 33]، وقال نبيُّك ﷺ: «يَا مَعْشَرَ الشَّبَابِ، مَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمُ الْبَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ؛ فَإِنَّهُ أَغَضُّ لِلْبَصَرِ وَأَحْفَظُ لِلْفَرْجِ، وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ؛ فَإِنَّهُ لَهُ وِجَاءٌ»(1).
هذا، واعلم أن الاغتسال إنما يجب في الاحتلام برؤية الماء بعد الاستيقاظ، وليس بمجرد رؤية مشاهد الجماع والإثارة في النوم؛ لما رواه البخاريُّ من حديث أم سليم أنها قالت: يا رسول الله، إن الله لا يستحيي من الحقِّ، هل على المرأة غسل إذا هي احتلمت؟ فقال رسول الله ﷺ: «نَعَمْ، إِذَا رَأَتِ الْـمَاءَ»(2).
وما يحدث من النَّوْم من احتلام لا يلزمك من تبعته شيءٌ، فقد رُفع القلم عن النائم حتى يستيقظ(3).
ولا يلزمك الاغتسالُ بمجرد الاحتلام، فيجوز أن تنامَ على جنابةٍ، على أن تحرص على الاغتسال قبل خروج وقت الفجر؛ لأنه لا يجوز تأخيرُ الصَّلاة عن وقتها. بارك الله فيك ورزقك الهدى والتقى والعفاف والغنى، واللهُ تعالى أعلى وأعلم.
____________
(1) متفق عليه أخرجه البخاري في كتاب «النكاح» باب «من لم يستطع الباءة فليصم» حديث (5066)، ومسلم في كتاب «النكاح» باب «استحباب النكاح لمن تاقت نفسه إليه ووجد مُؤنَهُ» حديث (1400) من حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه .
(2) متفق عليه أخرجه البخاري في كتاب «الغسل» باب «إذا احتلمت المرأة» حديث (282)، ومسلم في كتاب «الحيض» باب «وجوب الغسل على المرأة بخروج المني منها» حديث (313).
(3) أخرجه أحمد في «مسنده» (6/101) حديث (24747)، وأبو داود في كتاب «الحدود» باب «في المجنون يسرق أو يصيب حدًّا» حديث (4398)، والنسائي في كتاب «الطلاق» باب «من لا يقع طلاقه من الأزواج» حديث (3432)، وابن ماجه في كتاب «الطلاق» باب «طلاق المعتوه والصغير النائم» حديث (2041)، والحاكم في «مستدركه» (2/67) حديث (2350)، من حديث عائشة ل بلفظ: «رُفِعَ الْقَلَمُ عَنْ ثَلَاثٍ: عَنِ الصَّبِيِّ حَتَّى يَبْلُغَ، وَعَنِ النَّائِمِ حَتَّى يَسْتَيْقِظَ، وَعَنِ الْـمَجْنُونِ حَتَّى يُفِيقَ». وقال الحاكم: «هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه»، وذكره ابن الملقن في «البدر المنير» (1/91- 92) وقال: «قال صاحب الإمام: هو أقوى إسنادًا».