هل نزول المذي من الرجل في نهار رمضان نتيجة كلامٍ أثاره مع زوجته، أو مداعبة زوجته يُبطل الصيام؟ وكيف يتم الفصل بين المذي والمني؟
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه و من والاه؛ أما بعد:
فإن نزول المذي لا يُبطل الصيام في الصحيح من أقوال أهل العلم، وهو مذهب الحنفية(1) والشافعية(2) واختيار شيخ الإسلام ابن تيمية(3)؛ لأنه لم يَرِد دليل يدل على ذلك؛ ولأنه ينزل غالبًا لأدنى سبب لا يستطيع الإنسان التحكم به؛ ولأنه يكون عند ابتداء الشهوة وليس عند كمالها وإتمامها، فهو يفارق المني في الحكم والمعنى؛ ولذلك خفَّف الشارع حكمه في باب الطهارة، فأوجب فيه الوضوء ولم يوجب فيه الغسل، وإنما الذي يُبطل الصوم نزول المني، والمني هو الماء الدافق الذي يخرج عند استعار الشهوة ويعقبه فتور في البدن، أما المذي فهو ماء أبيض شفاف لزج يخرج عند الشهوة إما بالتفكير أو غيره، ولا يتلذذ بخروجه، ولا يعقبه فتور الشهوة.
وينبغي للصائم البعد عن الأحوال والأسباب التي تثير الشهوة وتؤدي إلى نزول المذي، والاشتغال بالذكر والعبادة والأمور النافعة. والله تعالى أعلى وأعلم.
___________________
(1) جاء في «المبسوط» من كتب الحنفية (2/238): «قلت: أرأيت الصائم ينظر إلى امرأة حتى يمني أترى عليه القضاء؟ قال: لا لأنه لم يصنع شيئًا. قلت: فإن لمس أو قبَّل حتى يمني؟ قال: يتم صومه ذلك اليوم وعليه القضاء وليست عليه كفارة، ولا يكون على المرأة قضاء إلا أن يكون منها مثل ما كان من الرجل. قلت: فإن لمس حتى يُمذي؟ قال: لا قضاء عليه ولا كفارة لأن المذي ليس بشيء».
(2) جاء في «البجيرمي على المنهج» من كتب الشافعية (2/74-75): «ولا يفطر بإخراج المذي والودي».
(3) جاء في «الفتاوى الكبرى» من كتب الحنابلة (5/376): «ولا يفطر بمذي بسبب قبلة أو لمس أو تكرار نظر وهو قول أبي حنيفة والشافعي وبعض أصحابنا».
وجاء في «الإنصاف» من كتب الحنابلة (3/301): «الثانية: لو هاجت شهوته فأمنى أو أمذى، ولم يمس ذكره: لم يفطر. على الصحيح من المذهب».
وجاء في «الفروع» من كتب الحنابلة (3/49-51): «وإن مذى لم يفطر في ظاهر المذهب»