أفيدونا يرحمكم الله في المسألة الآتية مع الأدلة:
لدينا مَدْرسة تعلم اللغة العربية في الغرب للأطفال، ومقرُّ هذه المدرسة هو المسجد بيت الله، وفيه فائدة كبيرة لفلذات أكبادنا أن يتعلموا اللغة العربية لغة القرآن ويحضروا الحلقات لتحفيظ القرآن ليحفظوا كتاب الله تعالى وتعاليم نبيه المصطفى محمد ﷺ.
ولكن فضيلتكم أعلم منا بالأطفال؛ فهل يجوز حرمان ما يقارب اثني عشر طفلًا من حضور المسجد والمدرسة لكونهم قاموا ببعض الإزعاج لمدة أسبوع؟ وما الدليل الشرعي على ذلك؟
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه؛ أما بعد:
فإن هذه التراتيب الإدارية من مسائل السياسة الشرعية، وهي فعل ما يكون معه الناس أقرب إلى الصلاح وأبعد عن الفساد وإن لم يَرِدْ فيه بعينه دليل جزئي خاص ما دام متفقًا مع مقاصد الشريعة وقواعدها الكلية، وتتقرر في ضوء الموازنة بين المصالح والمفاسد، وغلبة أحد الجانبين على الآخر.
وتعليم الأطفال في المسجد وتألف قلوبهم عليه من أعمال الخير العظيمة، التي ينبغي أن يُعان عليها ويُدعَى بالخير للقائمين عليها، وللمعلم تقويم الطفل بوسائل التقويم المشروعة، ومنها حِرمانه من حضور الدرس لمدة محددة إذا تكرر منه السلوك المزعج، وتعين هذا المنع سبيلًا إلى تقويمه، ولا ينبغي أن تؤخذ هذه المسألة بحساسية، أو يقال: كيف يُمنع أحدٌ من دخول بيت الله؟! لأنه يمنع من حضور الدرس، ولا يمنع من الصلاة، بالإضافة إلى كون حضور الجماعة بالنسبة للأطفال الصغار ليس من الواجبات، وقد يكون معظمهم لم يبلغ سن التكليف بعد، ومن كابد تعليمَ الصغار عرَف مشاقَّه، ولابد في النهاية من آلية ينضبط بها الأطفال الصغار، وينتظم بها مسار العملية التعليمية، فتشاوروا مع إدارة المدرسة في ذلك، وائتمروا بينكم بمعروف، ولا بأس أن تشفع لهم لدى الإدارة؛ فقد قال ﷺ: «اشْفَعُوا تُؤْجَرُوا»(1)، وأن تتعهد لهم بمتابعة سلوك أطفالك، وطيب خاطرهم طيب الله خاطرك. والله تعالى أعلى وأعلم.
_______________
(1) متفق عليه؛ أخرجه البخاري في كتاب «الأدب» باب «قول الله تعالى: {مَنْ يَشْفَعْ شَفَاعَةً حَسَنَةً يَكُنْ لَهُ نَصِيبٌ مِنْهَا}» حديث (6028)، ومسلم في كتاب «البر والصلة والآداب» باب «استحباب الشفاعة فيما ليس بحرام» حديث (2627)، من حديث أبي موسى الأشعري رضي الله عنه.