خلال السنتين الماضيتين تم توزيع جدولين لمواقيت الصلاة وإمساكية رمضان من قبل مسجدي المدينة، مما أحدث حرجًا، في هذه السنة، اقترحت إدارة أحد المساجد أن يتم استفتاء عامة الناس في الموضوع كحلٍّ لهذه المشكلة، ويقتضي الاستفتاء أن يختار عامة الناس بين قولين لأهل العلم، ثم يتم إعداد جدول موحَّد بحسب أغلبية الأصوات.
غير أن هذا الاقتراح أحدث تلبيسًا وخلافًا بين الناس، فقسم لا يرى حرجًا في الاستفتاء لأن الناس إنما يُدْلون باختياراتهم لا أنهم يُصحِّحون أو يُرجِّحون بين القولين.
وقسم آخر ردَّ فكرة الاستفتاء لأن مواقيت الصلاة إنما هي من الأمور الشرعية، وأن الواجب أن يُردَّ الأمر لأهل العلم لا لعامة الناس، ورأوا أن اعتماد مواقيت الصلاة لا ينبغي أن تحدده نتائج استفتاء عامة الناس.
فهل ترون حرجًا في مثل هذا الاستفتاء أم لا؟
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه؛ أما بعد:
فإن الشورى إنما تكون في المباحات والبدائل المشروعة، يقول البخاري في «الصحيح»: «وكانت الأئمة بعد النبيِّ صلى الله عليه وسلم يستشيرون الأمناء من أهل العلم في الأمور المباحة ليأخذوا بأسهلها، فإذا وضح الكتاب أو السنة لم يتعدوه إلى غيره اقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم »(1).
أما المسائل الشرعية فإن مردها إلى أهل الذكر، ولا مدخل فيها للعامة، قضية المواقيت فيها جانبان: جانب شرعي، وجانب فلكي. ومرد الأمر في الجانب الشرعي إلى علماء الشريعة، ومرد الأمر في الجانب الفلكي إلى الفلكِيين، ومن خلال اجتماعهما معًا يتكون الموقف الصحيح. والله تعالى أعلى وأعلم.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
(1) البخاري عقب باب «قول الله تعالى: ﴿وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ﴾.