ما حكم الصَّلاة خلف إمام يُخطئ في القراءة بعد الفاتحة، حيث إن هذا الإمامَ لا يُعطي الفرصة لمن خلفه ليردُّوه، ونوعُ الخطأ إسقاط أو تبديل الآيات أو تقديم وتأخير أو تلفيق الآيات، وذلك في كلِّ صلاة جهرية على ما أظن، مع العلم أنني من الحفظة ومعي غيري، وقد قمنا بنصحه عِدَّة مرَّات ولم يستجب لأحد.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه و من والاه؛ أما بعد:
فـ«لَا صَلَاةَ لِـمَنْ لَـمْ يَقْرَأْ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ»(1)، فإذا سَلِمت الفاتحة في قراءة القارئ فقد تجاوزت صلاته القنطرة، ومن المعلوم أن من صحَّت صلاته لنفسه صحَّت صلاته لغيره، وأنه تصحُّ إمامةُ المفضول مع وجود الفاضل.
ومن كان في موضع اتِّخاذ القرار ينبغي عليه أن يُحافظ على قواعد الإمامة؛ لأن ولايةَ أمور النَّاس من أعظم الأمانات، وقد أمر الله عز وجل أن تُؤدَّى الأمانات إلى أهلها، فقال تعالى:﴿إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا﴾ [النساء: 58]، و«مَنِ اسْتَعْمَلَ رَجُلًا مِنْ عِصَابَةٍ وَفِي تِلْكَ الْعِصَابَةِ مَنْ هُوَ أَرْضَى لله مِنْهُ- فَقَدْ خَانَ اللهَ وَخَانَ رَسُولَهُ وَخَانَ الْـمُؤْمِنِينَ»(2)؛ فإن أمكن تنحيته عن الإمامة بغير مفسدةٍ راجحة وتولية الأقرأ فينبغي السَّعْي في ذلك، أمَّا إذا كان ذلك يُسبب فتنة وتصدعات فإن الصَّبْر أولى، وإن حصر صدرك بالصَّلاة خلفه فالتمس الصَّلاةَ في مسجدٍ آخر ولو كان أبعد ممشًى، أمَّا إذا كان هذا هو المسجد الوحيد المتاح لك فلا ينبغي لك تَرْك الجماعات من أجل سُوء حفظه، فاصبر وسَلِ الله أن يولي أموركم خياركم. واللهُ تعالى أعلى وأعلم.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
(1) متفق عليه؛ أخرجه البخاري في كتاب «الأذان» باب «وجوب القراءة للإمام والمأموم في الصلوات» حديث (756)، ومسلم في كتاب «الصلاة» باب «وجوب قراءة الفاتحة في كل ركعة وإنه إذا لم يحسن الفاتحة ولا أمكنه تعلمها قرأ ما تيسر له من غيرها» حديث (394)، من حديث عبادة بن الصامت رضي الله عنه .
(2) أخرجه الحاكم في «مستدركه» (4/104) حديث (7023) من حديث عبد الله بن عباس ب، وقال الحاكم: «هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه».