باسم الله، والحمد لله، والصَّلاة والسَّلام على المصطفى. أما بعد: فاتني إدراك صلاة الجماعة ذات يوم فسألت شخصًا أعرفه: أَعِد الصَّلاة معي. فقال فيما معناه: لا، يجب أن تتعلَّم ألا تتأخر في الخلاء وتدرك الجماعة مثل سائر النَّاس. فقلت: لا أريد أن أصلي معك لا صلاة نافلة ولا سنة! ثم قلت: بل سأصلي معك.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه و من والاه؛ أما بعد:
فقد أساء صاحبك من حيث أراد الإحسان عندما امتنع عن أن يصلي معك ليتصدَّق عليك بذلك ويمنحك ثواب الجماعة، فقد روى أحمد وأبو داود أن رجلًا دخل المسجد وقد صلَّى رسول الله صلى الله عليه وسلم بأصحابه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «مَنْ يَتَصَدَّقُ عَلَى ذَا فَيُصَلِّي مَعَهُ؟». فقام رجلٌ من القوم فصلى معه(1).
وقد أسأتَ عندما قابلتَ جفاءه بجفاءٍ فقلتَ له: لا أريد أن أصلِّي معك لا صلاة نافلة ولا سنة. ونوصيكم جميعًا بقول النَّبي صلى الله عليه وسلم : «لَا تَغْضَبْ»(2).
ونوصي صاحبك بأن يكون أمره بالمعروف، وألا يكون نهيه عن المنكر بالمنكر، ولا يلزمك إلا مُجرَّد الاستغفار والتَّوبة العامَّة.
ونسأل الله لكما التَّوفيق والسَّداد، واللهُ تعالى أعلى وأعلم.
ـــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) أخرجه أبو داود في كتاب «الصلاة» باب «في الجمع في المسجد مرتين» حديث (574)، والترمذي في كتاب «الصلاة» باب «ما جاء في الجماعة في مسجد قد صلي فيه مرة» حديث (220)، والدارمي في كتاب «الصلاة» باب «في صلاة الجماعة في مسجد قد صلي فيه مرة» حديث (1368)، والحاكم في «مستدركه» (1/328) حديث (758)، من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه ، وقال الترمذي: «حديث أبي سعيد حديث حسن، وهو قول غير واحد من أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهم من التابعين. قالوا: لا بأس أن يصلي القوم جماعة في مسجد قد صلى فيه جماعة. وبه يقول أحمد وإسحاق. و قال آخرون من أهل العلم: يصلون فرادى وبه يقول سفيان، وابن المبارك ومالك والشافعي يختارون الصلاة فرادى». وقال الحاكم: «هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه».
(2) أخرجه البخاري في كتاب «الأدب» باب «الحذر من الغضب» حديث (6116) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه .