لقد تطرقت بعض المواقع الخاصة بمناسك الحج والعمرة إلى أنه ليس للإحرام سنة ولا يصلى له ركعتان، هل هناك مذهب من المذاهب أجاز ذلك؟ علمًا بأننا من الجزائر نتبع المذهب المالكي. أفيدونا أفادكم الله.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
فلا خلاف بين أهل العلم على عدم وجوب ركعتي الإحرام، وإنما الخلاف في مشروعيتهما على جهة الندب أو الاستحباب، فمن أهل العلم من قال باستحبابهما، بل نقل النووي الإجماع على ذلك، فقال : في «المجموع»: «ويستحب أن يصلي ركعتين عند إرادة الإحرام، وهذه الصلاة مجمع على استحبابها، ويستحب أن يقرأ فيهما بعد الفاتحة (قل يا أيها الكافرون) وفي الثانية (قل هو الله أحد)»(1).
وفي «تحفة المحتاج في شرح المنهاج»: «(ويصلي ركعتين) ينوي بهما سنة الإحرام للاتباع، متفقٌ عليه، يقرأ سرًّا ليلًا ونهارًا خلافًا لمن زعم الجهر فيهما ليلًا كسنة الطواف، في الأولى بعد الفاتحة «الكافرون» وفي الثانية «الإخلاص»، ويغني عنهما غيرهما كسنة تحية المسجد في تفصيلها السابق؛ لأن القصد وقوع الإحرام إثر صلاة»(2).
ومن أهل العلم من قال بأن هاتين الركعتين ليس لهما أصلٌ ولا دليل من السنة، بل المشروع أن يحرم عقب صلاة لا أن ينشئ لذلك صلاة مخصوصة، قال شيخ الإسلام ابن تيمية :: «يستحب أن يحرم عقيب صلاة: إما فرض وإما تطوع إن كان وقت تطوع في أحد القولين، وفي الآخر إن كان يصلي فرضًا أحرم عقيبه وإلا فليس للإحرام صلاة تخصه. وهذا أرجح»(3).
وعلى كل حال فإن الأمر في ذلك واسع والمسألة من مسائل الاجتهاد والنظر، والذي نختاره لك أن يكون إحرامك عقب صلاة مفروضة أو نافلة خروجًا من الخلاف، فإن الأصل في العبادات التوقيف فلا عبادة إلا بنص. ونسأل الله لنا ولك التوفيق، والله تعالى أعلى وأعلم.
______________
(1) «المجموع» (7/198).
(2) «تحفة المحتاج» لابن حجر الهيتمي (4/60).
(3) «مجموع الفتاوى» (26/109).