أبو زوجي مريض بالـ«الزهايمر»، وأصبح ينسى، ومن ذلك الوضوء والصلاة، فهو لا يصلي مثلًا الظهر ناسيًا، ويغضب عند تكرار التذكير له، ويصر على أنه توضأ وصلى؛ فلم تعد زوجته تذكره.
سؤالي هو بخصوص الحج، فهو ينوي الحج، فهل هو مستطيع في هذه الحالة؟ علمًا بأنه يتوتر جدًّا في حال السفر وتغيير الأماكن؟
هل زوجته غير مستطيعة أيضًا؛ لأنها ترعاه، ولا يقبل رعاية أحد من أبنائه؟ أرجوكم أجيبونا بخصوص حجِّه وحج زوجته؟ وهل يجب الحج عنه؟ ونُصحنا في كيفية التعامل معه بخصوص الفرائض من صلاةٍ ووضوء وغير ذلك؟ وجزاكم الله كلَّ خير.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه؛ أما بعد:
فإن من سنن الله جل وعلا في خلقه أن جعل من بعد قوة ضعفًا وشيبة(1)، و«إِنَّ مِنْ إِجْلَالِ الله إِكْرَامَ ذِي الشَّيْبَةِ الْـمُسْلِمِ»(2)، فينبغي أن يُحفظ لهذا الرجل المسن حقه وأن نرفق به ما استطعنا، وأن نكرم شيبته التي شابها في الإسلام.
أما بالنسبة للحج فإن كان لا يقوى على السفر أو على أداء المناسك بنفسه، ولم يتيسر من يُعينه على أدائها، فيُمكن النيابة عنه.
ففي حديث ابن عباس قال: كان الفضلُ رَدِيفَ رسول الله ﷺ، فجاءت امرأةٌ من خَثْعَم فقالت: يا رسول الله، إن فريضةَ الله على عباده في الحج أَدْرَكَتْ أبي شيخًا كبيرًا لا يثبت على الراحلة؛ أفأحج عنه؟ قال: «نَعَمْ»(3). وذلك في حجة الوداع.
أمَّا بالنسبة للوضوء فإنه يُعان عليه إن قدر عليه بهذه الإعانة، وإلا تيمَّم، فقد جعل التيمُّمَ رخصةً عند فقد الماء أو العجز عن استعماله.
وأما الصلاة فإنها لا تسقط بحال، إلا إذا فقد عقلَه، فإن العقل مناط التكليف، فيعان على أدائها على النحو الذي يتيسر له: قائمًا، أو قاعدًا، أو على جنب(4).
ونسأل الله أن يمسح عليه بيمينه الشافية، وأن يجمع له بين الأجر والعافية. والله تعالى أعلى وأعلم.
____________________
(1) قال تعالى: ﴿اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفًا وَشَيْبَةً يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْقَدِير﴾ [الروم: 54].
(2) أخرجه أبو داود في كتاب «الأدب» باب «في تنزيل الناس منازلهم» حديث (4843) من حديث أبي موسى الأشعري، وذكره ابن حجر في «تلخيص الحبير» (2/118) وقال: «إسناده حسن»، والعراقي في «تخريج أحاديث الإحياء» (1/491) وقال: «إسناد حسن».
(3) متفق عليه؛ أخرجه البخاري في كتاب «الحج» باب «حج المرأة عن الرجل» حديث (1855)، ومسلم في كتاب «الحج» باب « باب الحج عن العاجز لزمانة وهرم ونحوهما أو للموت» حديث (1334). (4) فقد أخرج البخاري في كتاب «الجمعة» باب «إذا لم يطق قاعدًا صلى على جنب» حديث (1117) من حديث عمران بن حصين، قال: كانت بي بواسير فسألت النبي ﷺ عن الصلاة فقال: «صَلِّ قَائِمًا، فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَقَاعِدًا، فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَعَلَى جَنْبٍ».