مكان عملي بمكة المكرمة، فهل أصبح الآن من أهل مكة؟ وإذا أصبحت من أهل مكة فهل ما أقوم به من عمرة الآن تصبح عمرةَ تمتع أم لا يكون لي إلا الإفراد علمًا بأن زوجتي ليست معي هنا؟
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه و من والاه؛ أما بعد:
فأنت بإقامتك في مكة أصبحت من حاضري المسجد الحرام، فإذا اعتمرت في أشهر الحج ثم حججت من نفس العام فلا يلزمك هدي التمتع، لقوله تعالى: ﴿فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ ذَلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ﴾ [البقرة: 196].
وحاضرو المسجدِ الحرام أهل الحرم، ومن كان بينه وبين مكة دون مسافة القصر؛ لأن حاضر الشَّيء في كلام العرب هو الشاهد له بنفسه، وإذا كان ذلك كذلك، وكان لا يستحق أن يسمى غائبًا إلا من كان مسافرًا شاخصًا عن وطنه، وكان المسافر لا يكون مسافرًا إلا بشخوصه عن وطنه إلى ما تقصر في مثله الصلاة، وكان من لم يكن كذلك لا يستحق اسم غائب عن وطنه ومنزله- كان كذلك من لم يكن من المسجد الحرام على ما تقصر إليه الصلاة غير مستحق أن يقال: هو من غير حاضريه؛ إذ كان الغائب عنه هو من وصفنا صفته، وهذا هو اختيار الطبري في «تفسيره»، والذي عليه جماهير أهل العلم، زادك الله حرصًا وتوفيقًا. والله تعالى أعلى وأعلم.