أنا مقيم بأوربا وأريد أن أستقرَّ في سكن قريبٍ للجالية المسلمة؛ لأن في كل مرة لابد لي من الرحيل، وهنا صعب أن تجد سكنًا مناسبًا، ومؤخرًا جاءت لي فرصة للبيت الذي أسكن فيه لأنه للبيع، وقد قدمت طلبًا لصندوق الدولة وقبلوا طلبي مع نسبة فائدة قليلة جدًّا مقارنة مع البنك.
وهذه فرصة قليلة لأني أسكن في نفس الشقة وليس عندي مبلغ لأشتري به سكنًا، والكراء صعب جدًّا وغالي الثمن.
فما رأيكم يا شيخ في شراء الشقة بنيَّة الاستقرار وتدريس أولادي الدين لأني سأكون قريبًا من المسجد.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه؛ أما بعد:
فإن الأصل في العاجز عن تملُّك مسكن بطريق مشروع لا ربا فيه ولا ريبة أن يقنع بالاستئجار، ففيه مندوحة عن الوقوع فيما حرمه الله ورسوله من الربا، وإذا مثل الاستئجار حرجًا بالغًا ومشقة ظاهرة بالنسبة لبعض الناس، باعتبارات تتعلق بعدد أفراد الأسرة، أو لتضرُّرٍ بجيران سوء أو لغير ذلك- جاز لهم الترخُّص في تملُّك مسكن عن طريق التمويل البنكي في ضوء الضوابط التي ذكرها أهلُ العلم في تنزيل الحاجات منزلةَ الضرورات.
وتتمثل هذه الشروط في تحقُّق الحاجة بمفهومها الشرعي وهو دفع الضرار، والضعف الذي يصدُّ عن التصرُّف والتقلب في أمور المعاش، واستمرار الناس على ما يُقيم قُواهم، وليس مجرد الرغبة في الانتفاع والترفُّه والتنعم، بجانب انعدام البدائل المشروعة، على أن يرجع إلى أهل العلم لتحديد مقدار هذه الحاجة، ومدى توافر شرائطها الشرعية، وذلك للتحقق من مدى صلاحيتها بأن تُنزَّل منزلةَ الضرورة في إباحة هذا المحظور، هذه هي القاعدة.
وإن كنت تجدُ حرجًا ظاهرًا في بُعدك عن الجالية المسلمة وتتضرَّر من جيران سوء، ولم تتيسر لك بدائل مشروعة، فأرجو أن تسعك الرخصة، مع التأكيد على أن الأصل في القرض الربوي هو التحريم القطعي. والله تعالى أعلى وأعلم.