ســـــــــــؤال :
السلام عليكم فضيلة مفتي الديار الأمريكية
أسأل عن حكم ال( Lobbying) في المساجد أي بين المسلمين
كما تعلمون أن المساجد لها انتخابات دورية ويتقدم لهذه الإنتخابات الصالح والطالح والعلماني وغيره وكل على حسب نيته .
وقد تفضي الإنتخابات وتأتي بأناس طيبين و صالحين يصلح الله بهم الكثير في المساجد
ولكن قد تفضي هذه الانتخابات وتأتي بأناس الله أعلم بحالهم و عادة ما يكونوا غير ملتزمين بتعاليم الشريعة
والسؤال هو :
هل يجوز للإمام أن يسأل أناسًا أن يتقدموا للانتخابات وأن ينافسوا الذين يعتقد ويغلب الظن فيهم أنهم غير ملتزمين بل علمانيون حاقدون على الإسلام و تعاليمه
فهل يجوز للإمام أن ينخرط في Lobbying
الجـــــــــــواب :
بسمِ اللهِ الرّحمنِ الرّحِيم
الحمد لله، والصلاة والسلام على رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ﷺ، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعــد:
❐فدعنا نقرر أولًا أن ولاية أمور الناس من أعظم الأمانات، وقد أمر الله بأداء الأمانات إلى أهلها، فقال جل من قائل:
{إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ }
❐وأن مناط استحقاق الولاية القوة والأمانة، أو الكفاية والديانة، كما قال تعالى:
( إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الأمِينُ )
وقال تعالى:
(قَالَ إِنَّكَ الْيَوْمَ لَدَيْنَا مَكِينٌ أَمِينٌ قَالَ اجْعَلْنِي عَلَىٰ خَزَائِنِ الْأَرْضِ ۖ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ)
❐وأن اجتماعهما قد يكون نادرًا، فيقدم لكل ولاية الأصلح لها بحسبها، وأن من استعمل رجلًا على عصابة وفيهم من هو أرضى لله فقد خان الله ورسوله والمؤمنين!
وأن التصويت في الانتخابات يرتبط بثلاثة أبواب من الفقه:
١-يرتبط بالشهادة، فعندما تصوت لصالح مرشح بعينه فأنت تقدم بهذا الشهادة لله، على ان هذا الرجل أرضى لله، وأنفع لعباده من غيره في هذا الموقع، فإن لن يكن كذلك كانت شهادة زور!
٢-ويرتبط بالأمانة فإن ولاية أمور الناس من أعظم الأمانات، وقد أمر الله بأداء الأمانة إلى أهلها، فعندما تصوت لصالح مرشح بعينه فقد أديت إليه أمانة هذه الولاية ودفعتها إليه، فإن كان أهلًا لها فقد برئت ذمتك، وإلا كنت خائنًا لله ولرسوله وللمؤمنين، وقد سبق أن استعمل رجلاً على عصابة وفيهم من هو أرضى لله فقد خان الله ورسوله والمؤمنين!
٣- ويرتبط بالولاء، فأنت تنصره على منافسيه، والموالاة معقدها الإيمان والعمل الصالح، وقد قال تعالى:(إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ وَمَن يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ).
وقال صلى الله عليه وسلم:(إن آل فلان ليسوا بأوليائي، إنما وليِّيَ الله وصالح المؤمنين، ولكن لهم رحم أبُلُّها بِبِلالها)[متفق عليه، واللفظ للبخاري].
فإن جعلت معقدها العرق، او الجنس، أو القرابة، أو المصالح فقد اتخذت من هذه المعاقد أوثانًا تصد عن الحق وتصرفه إلى غير أهله!
وقد قال تعالى:(وَقَالَ إِنَّمَا اتَّخَذْتُم مِّن دُونِ اللَّهِ أَوْثَانًا مَّوَدَّةَ بَيْنِكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ۖ ثُمَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُ بَعْضُكُم بِبَعْضٍ وَيَلْعَنُ بَعْضُكُم بَعْضًا وَمَأْوَاكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُم مِّن نَّاصِرِينَ).
هذه معالم الرشد في باب السياسة الشرعية، وينبغي استفاضة البلاغ بها، وتربية الناس عليها، ودور الإمام هو دور الناصح لجاليته، المرشد لحائرها، المفتي لها في نوازلها، الذي لا يخوض بنفسه في هذه المعارك الانتخابية، لأنه رمز للجالية كلها، وإمام لها بمختلف توجهاتها وأطيافها السياسية والعرقية.
أما إن سألت عن هذه التكتلات الانتخابية ومدى مشروعيتها، فإن الوسائل تأخذ حكم المقاصد حلًا وحرمة، فمن اجتمع منهم على نصرة الحق والفضيلة، والتعاون على البر والتقوى، وتجردوا لتحصيل مصالح الجالية، وتكتلوا لنصرتها فهذه تكتلات مشروعة، ينبغي أن يعان أصحابها، وأن يشد من أزرهم.
ومن اجتمع منهم على تكتلات عرقية بحتة، وتصورات علمانية محضة، فهذه تجمعات ظنينة مريبة، ينبغي أن ينصح أصحابها، ولا يعانوا على ما اجتمعوا عليه من الباطل، ولا يمكنوا من أعناق الجالية، وتبوئ قيادة مؤسساتها.
وإن كانوا قد خلطوا عملاً صالحًا وآخر سيئًا فبحسب غلبة الخير أو الشر، فمن غلب خيره على شره رجحت كفه، ومن غلب شره على خيره غسلنا أيدينا منه، إلا إذا تعين لدفع ما هو أفسد وأظلم.
هذا وباللهِ التوفيـق و الله أعـلىٰ وأعلـم