ســـــــــــؤال :
السَّلامُ عليكُم ورحمةُ الله وبركاتُهُ
•أستاذنا الغالي معذرةً لن أزعجك إلا بمسألة أخرى تسبب لنا حرجًا بالغ
▪︎أولاً:عندنا في مونتريال مقبرة كبيرة وتسع المسلمين فقامت امرأة ومجموعة معها بالإتفاق مع صاحب مقبرة كندية يدفن فيها اليهود والنصارى إلى جوار المسلمين وللأسف بعض الأئمة يفتحون المساجد لهؤلاء ويذهبون أيضًا لمراسم الدفن.
▪︎ثانيًا: توجد مقبرة أخرى أخذ المسلمون فيها ركنًا صغيرًا وإن كان بينهم وبين المقابر الآخرة فقط ثلاثة أو أربعة أمتار والجميع في سور واحد
فما الحكم خاصة وهناك مقبرة كبيرة تسع الجميع؟
سامحني وبوركت و لا حرمنا الله من علمكم ،افيدونا بارك لله فيكم
الجـــــــــــواب :
بسمِ اللهِ الرّحمنِ الرّحِيم
الحمد لله، والصلاة والسلام على رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ﷺ، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعــد:
❐فإن الأصل هو تميز قبور المسلمين عن قبور غيرهم، فهذا الذي جري عليه عمل المسلمين على مدار القرون، فلا يزال المسلمون عبر التاريخ لهم مقابرهم الخاصة بهم.
❐ وقد اتفق أهل العلم على حرمة دفن المسلم في مقبرة الكافر، وحرمة دفن الكافر في مقابر المسلمين، إلا للضرورة.
فعن بَشِيرٍ مَوْلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ :
” بَيْنَمَا أَنَا أُمَاشِي رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَرَّ بِقُبُورِ الْمُشْرِكِينَ فَقَالَ : ( لَقَدْ سَبَقَ هَؤُلاَءِ خَيْرًا كَثِيرًا ) ثَلاَثًا ، ثُمَّ مَرَّ بِقُبُورِ الْمُسْلِمِينَ فَقَالَ :
( لَقَدْ أَدْرَكَ هَؤُلاَءِ خَيْرًا كَثِيرًا ) رواه أبو داود (3230 ) وحسَّنه الألباني في ” صحيح أبي داود “.
قال النووي رحمه الله: ” اتفق أصحابنا رحمهم الله على أنه لا يُدفن مسلم في مقبرة كفار، ولا كافر في مقبرة مسلمين ” انتهى من ” المجموع ” (5 / 285).
وقال ابن حزم رحمه الله: ” عمل أهل الإسلام من عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ألا يُدفن مسلمٌ مع مشرك) انتهى من “المحلى”(5/143)
❐فإذا تميزت مقابر المسلمين وتحيزت، وأحاط بها سور خارجي مثلًا، أو فَصَل بينها وبين مقابر غيرهم فاصلٌ من طريق أو فراغ أو نحوه؛ فقد تحقق التمايز المنشود، ولعل هذا الأمر واقع على هذا النحو في كثير من بلاد المسلمين، حيث تتجاور القبور، ولكن مع التمايز والتحيُّز.
❐واستحداث مقبرة جديدة يدفن فيها المسلمون إلى جوار غير المسلمين من اليهود والنصارى بدون ضرورة ملجئة ولا حاجة ماسة مخالفة جسيمة، تعكس رقة في الدين، أو فساد ذات البين، قد يكون مرده إلى احتقانات عرقية أو فكرية ينبغي على عقلاء الجالية وأهل الحل والعقد فيها تطويقها وإطفاء حريقها!
❐والحالة الثانية المذكورة، وهي التي تتميز فيها قبور المسلمين بركن خاص بهم في جانب المقبرة العامة أخف من الحالة الأولى وأهون، ولكن يبقى أن هذا دون المأمول، ما دام لا يفصلها عن مقابر غير المسلمين سور ولا طريق ولا فراغ ظاهر بين.
▪︎فمرة أخرى اتقوا الله وأصلحوا ذات بينكم، وأديروا حوارا مع المخالفين، وتعرفوا على أسباب انحيازهم عن جماعة المسلمين.
▪︎وانصحوا لهم بأن من سره بحبوحة الجنة فليلزم الجماعة، فإن الشيطان مع الفذ، وهو من الاثنين أبعد، وذكروهم بقوله تعالى:
(وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا ۚ)
وقوله تعالى:
(وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ ۖ وَاصْبِرُوا ۚ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ)
بارك الله فيكم، وزادكم حرصًا وتوفيقا، وأصلح ذات بينكم، وألف بين قلوبكم
هذا وباللهِ التوفيـق و الله أعـلىٰ وأعلـم