فضيلة الشيخ صلاح الصاوي، أدام الله عليك العلم والدين، ما حكم التصوير الفوتوغرافي؟ وما حكم التصوير بكاميرات التليفون المحمول؟ وهل النهي عن التصوير يشمل كل أنواع التصوير؟ وما حكم التصوير المتحرك (الفيديو)؟ وجزاكم الله خيرًا.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه؛ أما بعد:
فإن التصوير بالآلة موضع نظر بين أهل الفتوى، فمن منعه أدخله في عموم الأدلة التي تنهى عن التصوير، ومن أجازه قال: إنه مجرد حبس للظل، ولا يتضمن مضاهاة لخلق الله.
وصفوة القول فيه أنه إن تضمن مصلحةً ظاهرة، ولم تعارَضْ بمفسدة راجحة كان مشروعًا، ويكون حكمه حكم ما يستعمل فيه أو يُتَّخَذ له؛ فإن استعمل في مباحٍ كان مباحًا، وإن استعمل في محرَّمٍ، أو تضمَّنَ محرمًا، ككشف العورات كان حرامًا، وإن استعمل في واجب كان واجبًا، وهكذا.
ووجه ذلك أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم بالإضافة إلى ما صحَّ عنه في النهي عن التصوير ولعن المصورين، سمح لأمنا عائشة أن تلعب ببنات لها (لُعَبٍ)(1). وأن الصحابةَ كانوا يُصوِّمُون أطفالهم بعرائس يصنعونها لهم من العهن(2)، فإذا بكى الصغير من الجوع يقدِّمُونها له؛ ليتلهى بها عن طلب الطعام(3). والله تعالى أعلى وأعلم.
————————————-
(1) ففي الحديث الذي أخرجه أبو داود في كتاب «الأدب» باب «في اللعب بالبنات» حديث (4932) من حديث عائشة رضي الله عنها قالت: قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم من غزوة تبوك أو خيبر وفي سهوتها (مكان مجوف في الحائط) سترٌ، فهبَّت ريحٌ فكشفت ناحية السِّتر عن بناتٍ لعائشة- أي: لُعبٍ- فقال: «مَا هَذَا يَا عَائِشَةُ؟» قالت: بناتي. ورأى بينهنَّ فرسًا له جناحان من رقاعٍ فقال: «مَا هَذَا الَّذِي أَرَى وَسَطَهُنَّ؟» قالت: فرسٌ. قال: «وَمَا هَذَا الَّذِي عَلَيْهِ؟» قالت: جناحان. قال: «فَرَسٌ لَهُ جَنَاحَانِ؟!» قالت: أما سمعت أنَّ لسليمان خيلًا لها أجنحةٌ! قالت: فضحك حتَّى رأيت نواجذه. وذكره الألباني في «صحيح سنن أبي داود» (4932).
(2) أي: الصُّوف.
(3) ففي الحديث المتفق عليه؛ الذي أخرجه البخاري في كتاب «الصوم» باب «صوم الصبيان» حديث (1960)، ومسلم في كتاب «الصيام» باب «من أكل في عاشوراء فليكف بقية يومه» حديث (1136)، من حديث الرُّبَيِّع بنت مُعوِّذ رضي الله عنها قالت: أرسَلَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم غداةَ عاشوراء إلى قرى الأمصار: «مَنْ أَصْبَحَ مُفْطِرًا فَلْيُتِمَّ بَقِيَّةَ يَوْمِهِ، وَمَنْ أَصْبَحَ صَائِمًا فَلْيَصُمْ». قالت: فكنا نصوم بعد، ونصوِّم صبياننا، ونجعل لهم اللعبة من العِهْن، فإذا بكى أحدُهم على الطعام أعطيناهم اللعبة تُلهيهم حتى يُتِمُّوا صومهم.