السَّلامُ عليكُم ورحمةُ الله وبركاتُهُ
فضيلة مفتي الديار الامريكية
أولآ//أعتذر منكم إني لم أطرح السؤال كما ينبغي
ثانيًا//الموضوع هو الكاميرات في المساجد والمراكز الإسلامية
ظننت أن الكاميرات في المساجد والمراكز الإسلامية هي بالأساس للأمان و السلامة(security & safety )
للتطلع على الإعتداءات وجرائم السرقة التي يمكن أن تطول المسجد أو المركز وكذلك لمعرفة حوادث قد تقع مثل: اعتدى أحد على أحد بسيارته
لكن في الواقع أن تطور الأمر في بعض المراكز التي استعملت الكاميرات لمراقبة الإمام والمنظف وأي أحد يدفع له أجر من المسجد، وحتى أدى إلى بعض إدارات المساجد إلى القيام بوضع كاميرا في مكتب الإمام ولقد رأيت ذلك بأم عيني في مسجد دعيت إليه.
أنا لما أتيت إلى الأخوة هنا في مسجدي وجدت فيهم من يتحسس ويتطلع على نظام التسجيل في المسجد كل يوم بسب او من غير سبب
أردت ان أعرف:
هل ما أفتيتهم منذ سنوات في الأمر لعدم حصولي على من له باع في الفتية مثل حضرتكم له مؤاخذات شرعية أم لا؟
▪︎أفتيتهم ان نظام التسجيل بالكاميرات إنما هي ردع لمن تسول له نفسه في إلحاق شر أو سوء
فإذا حدث هذا الشر أو السوء وجب علينا معرفته والتطلع عليه حتى نجتنبه إن قادرين في المستقبل أو إن ندفعه عنا أو نحق حقًا لأى أحد أو نعاقب قانونيًا من الحق بنا وبالمسجد أو المركز الأذى.
اما أن لم يحدث أي شيء الا داعي للإطلاع على هذا التسجيل وهو من باب التكلف الزائد عن اللزوم.
أما إذا شككتم أن الإمام يأتي بالوقت أو لا يأتي بالوقت أو لا يأتي جملة فسألوا المأمومين أو تناوبوا للمجيء وانظروا بأنفسكم
وهنا عادة الناس لا يسكتون عن الغلط
بسمِ اللهِ الرّحمنِ الرّحِيم
الحمدلله، والصلاة والسلام على رَسُولَ اللَّهِ ﷺ
وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعـــد:
❐فإن كان الحديث عن مراقبة السراق والحوادث ونحوه كما جاء في السؤال، فلا حرج في وضع هذه الكاميرات، على أن تبقى في إطار الهدف الذي اتخذت من اجله، وألا تتخذ وسيلة إلى التجسس والتطلع على على العورات، وانتهاك الخصوصيات واستباحتها.
❐أما إن كان الحديث عن مراقبة العاملين في المسجد فلا شك أن هذا خلاف الأصل، لأن الأصل هو أن يؤتمن العمال على ما في أيديهم من العمل، وأن يوكلوا إلى ضمائرهم، وكون الله مطلعًا عليهم. فلا شيء أنفع من الرقابة الذاتية التي تنبعث من الإيمان بالله عز وجل واستشعار مراقبته، فإن التجسس من المسؤول يفسد الرعية، فقد روى أبو داود عن معاوية رضي الله تعالى عنه قال:
سمعت رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول:
(إنك إن اتبعت عورات الناس أفسدتهم، أو كدت أن تفسدهم)، فقال أبو الدرداء رضي الله عنه: كلمة سمعها معاوية من رسول الله صلى الله عليه وسلم نفعه الله بها!
❐وهذه الملامح تعتبر سياسة شرعية حكيمة، وفي معناها حديث آخر:
(إن الإمام إذا ابتغى الريبة في الناس أفسدهم) صحيح أبي داود
ولا حرج بعد ذلك في زيارات تفتيشية مفاجئة بحيث يبقى العمال دائمًا في وضع يترقبون فيه حدوث تفتيش.
❐ومع هذا فإذا تعينت هذه الكاميرات وسيلة لضبط العمل، ولم يقم غيره مقامها، فلا حرج على صاحب العمل أن يضع كاميرات لمراقبة العاملين تحت إدارته، شريطة أن يكونوا على علم بوجودها، لئلا يطلع منهم على عورة أو شأن خاص لا علاقة له بالعمل لا يحبون أن يُرى منهم، وأن يكون ذلك لمجرد الاطلاع على سير العمل والتأكد من حسنه، وأن توضع لائحة يتواضع عليها الناس تفصل القول في سياسة تفريغ هذه الكاميرات والإطلاع عليها، هذا ما لم يعارض وضعها بمانع شرعي خارجي من الإطلاع على النساء الأجنبيات وسوء الظن بالموظفين الأمناء ونحوه.
❐فإنْ وُضعت الكاميرات دون علمهم، أو استخدمت في غير ما وضعت له، كان هذا عين التجسس المنهي عنه، في مثل قوله تعالى:
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلا تَجَسَّسُوا) الحجرات/ 12.
وفي مثل قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
(إياكم والظن فإن الظن أكذب الحديث، ولا تحسسوا، ولا تجسسوا، ولا تحاسدوا، ولا تدابروا، ولا تباغضوا، وكونوا عباد الله إخوانا). متفق عليه.
❐ والتجسس هو البحث عن عيوب الناس وعوراتهم وفي الحديث عَنْ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ: ” صَعِدَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمِنْبَرَ فَنَادَى بِصَوْتٍ رَفِيعٍ، فَقَالَ:
(يَا مَعْشَرَ مَنْ أَسْلَمَ بِلِسَانِهِ وَلَمْ يُفْضِ الْإِيمَانُ إِلَى قَلْبِهِ: لَا تُؤْذُوا الْمُسْلِمِينَ، وَلَا تُعَيِّرُوهُمْ، وَلَا تَتَّبِعُوا عَوْرَاتِهِمْ؛ فَإِنَّهُ مَنْ تَتَبَّعَ عَوْرَةَ أَخِيهِ الْمُسْلِمِ: تَتَبَّعَ اللَّهُ عَوْرَتَهُ، وَمَنْ تَتَبَّعَ اللَّهُ عَوْرَتَهُ يَفْضَحْهُ، وَلَوْ فِي جَوْفِ رَحْلِهِ).
رواه الترمذي (2032)، وصححه الألباني.
هذا وباللهِ التوفيـق و الله أعـلىٰ وأعلـم