سم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد: فإن المقاطعة من مسائل السياسة الشرعية، التي تراد لما يترتب عليها من الضغط على الخصوم المحاربين، وحملهم على مراجعة حسابتهم، والانكفاف عن بغيهم، وإلا فإن هذه السلع التي نقاطعها هي في الاصل ليست محرمة لذاتها، وإنما تحريمها تحريم ذرائع ووسائل، وليس تحريم مقاصد، فهو ليس كتحريم الخمر والخنزير مثلا
والمقاطعة الاقتصادية من وسائل المقاومة المقننة في واقعنا المعاصر.، وإذا كان الأصل هو حرية التعامل في الطيبات بيعا وشراء، أيا كان المتعامل معه برا أو فاجرا، مسلما أو كافرا، فإن المقاطعة عندما تتعين سبيلا لدفع صيال أو كف عدوان فإنها تصبح من الوسائل المشروعة للمقاومة، بل لا يبعد القول بأن تبلغ مبلغ الواجبات المحتومة، طبقا لما تمهد في الشريعة من أن الوسائل تأخذ حكم المقاصد حلا وحرمة.
والتكاليف الشرعية في الجملة مناطها القدرة، والمقدور منها لا يسقط بالمعسور، وما لا يدرك كله لا يترك جله،
والمقيمون في الشرق اقدر على تطبيق المقاطعة في الجملة من المقيمين داخل المجتمعات الغربية، التي أعلنت جل حكوماتها وشركاتها ومؤسساتها العامة عن دعمها للكيان الغاصب، وتداعيها الظلوم لمظاهرته على بغيه، ففي الشرق توجد مؤسسات بديلة، ومنتجات شرقية بديلة، والسلع الاجنبية الغربية استثناء في حياة السواد الاعظم من الناس، ويمكن الاستغناء عنها أو عن جلها في الجملة،
أما المجتمعات الغربية فشركاتها ومنتجاتها ومؤساتها هي الأصل في حياة الناس، ووجود بدائل شرقية عربية او إسلامية او محايدة على الأقل يكاد يكون استثناء، وهذا فارق يعسر تجاهله،
فإذا كان ذلك كذلك، وكان الأصل هو التسارع في دعم الكيان الغاصب، والتداعي إلى ذلك فهنا يصار إلى مقاطعة أظهرها بغيا وأكثرها عدوانا وأشرسها في الاستعلان بعداوتها للمظلومين، ومظاهرتها للبغاة والمعتدين
وتطبيق ذلك عمليا مما يتعاون فيه أهل العلم وأهل الخبرة، ويأتمرون فيه بينهم بمعروف،
والله تعالى أعلى وأعلم