السلام عليكم ورحمة الله
سؤالي يا شيخ هو التالي: ادرس في الجامعة و حصلت على عمل في مجال دراستي بمبلغ بسيط جدا للأنني لا زلت اتعلَّم، فوقعنا أوراق و التي لم أفهمها كلها، ربما قرأتها و لم انتبه، و في العقد بند فيه شيئ من الظلم، يفرض علي انه لا يمكنني العمل او مساعدة او الإشتراك في اي شركة تعمل في نفس الميدان و تعطي نفس الخدمات او انشاء شركة تعطي نفس الخدمات( الأمن المعلوماتي) لمدة سنتين بعد خروجي من هذه الشركة و ذالك في ولاية فلوريدا كلها. اي لا يمكنني العمل مع اي شركة تعمل في الأمن المعلوماتي و الذي هو ميدان دراستي لمدت سنين بعد خروجي من شركتي الحالية. و الأن هناك شركة تريدني ان اعمل معهم بسعر محترم الحمد لله، لكن هذا يخالف العقدي مع القوم الذين يعطونني ١٠ دولارات للساعة و الذي هو قليل جدا بالمقارنة مع ما يمكنني الحصول عليه. بالنسبة للقوانين في الولاية و أميركا فلا يأخذون مثل هذه العقون بعين الإعتبار لأنهم يعلمون ان الناس يجب ان يعملوا و يوفروا الراتب لعوائلهم، يعني و ان هذه الشركة أردت رفع قضية و الذي هو بعيد جدا فلن تأبه المحكمة لهذا. فأنا اريد التقدم في هذا الميدان فهاهي فرصة امامي و اريد ان انشأ شركة صغيرة مع صديقي، لكن عقدي مع هؤلاء الناس قد لا سمح و الذي أمضيت عليه عندما كنت فرحا بأول فرصة اتيحت لي و كانت اول وضيفة في ميدان دراستي و همي كان هو الوضيفة. فبالنسبة للقوانين و العقد فهذا ليس مشكلا، لأنه كما ذكرت، الكل يعرف ان من حقي البحث عن فرصة أحسن لمستقبلي و لا أظن ان اي مشاكل سوف تحصل، و لكن همي انني لا اريد كسبا حراما فقد استعبدنا الله بالوفاء بالعقول فقد قال سبحانه {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ ۚ أُحِلَّتْ لَكُم بَهِيمَةُ الْأَنْعَامِ إِلَّا مَا يُتْلَىٰ عَلَيْكُمْ غَيْرَ مُحِلِّي الصَّيْدِ وَأَنتُمْ حُرُمٌ ۗ إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ مَا يُرِيدُ} [المائدة : 1]
فهل احاول التحدث معهم لتغير للبند و الذي هو صعب شيئا ما او احاول طلب رخصة منهم ام احاول البحث عن عمل و عدم التلفت لبندهم ام ماذا
الإجابة
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد: فإن الأصل في العقود والشروط الحل، لما تمهد من أمر الشرع بالوفاء بالعقود، ومقصودُ العقد: هو الوفاء به، فإذا كان الشارع قد أمَر بمقصود العقود دَلَّ على أنَّ الأصل فيها الصحَّة والإباحة، وآثار الصحابة توافقُ ذلك كما قال عمر – رضي الله عنه -: مقاطع الحقوق عند الشُّروط.
ومن الاعتبار أنَّ العقود والشروط من باب الأفعال العادية، والأصل فيها عدم التحريم، لقوله تعالى ﴿ وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَا حَرَّمَ) فيستصحب عدم التحريم فيها حتى يدلَّ دليلٌ على التحريم، وإذا لم تكن حَرامًا لم تكن فاسدةً؛ لأنَّ الفساد إنما ينشأ من التحريم، وإذا لم تكن فاسدةً كانت صحيحةً. هذا. وليس في الشَّرع ما يدلُّ على تحريم جِنس العقود والشروط إلا ما ثبَت حلُّه بعينِه.
قال ابن القيِّم رحمه الله في “إعلام الموقعين”: (“فصل: الأصل في الشروط الصحَّة أو الفساد؟ جمهور الفقهاء على أنَّ الأصل في العقود والشُّروط الصحَّة، إلا ما أبطله الشارع أو نهى عنه، وهذا القول هو الصحيح، فإنَّ الحكم ببطلانها حكم بالتحريم والتأثيم، ومعلومٌ أنَّه لا حرامَ إلا ما حرَّمَه الله ورسوله، ولا تأثيمَ إلا ما أثم الله ورسوله به فاعله، كما أنَّه لا واجب إلا ما أوجَبَه الله، ولا حَرام إلا ما حرَّمَه الله، ولا دِينَ إلا ما شرعَه، فالأصل في العبادات البُطلان حتى يقومَ دليلٌ على الأمر، والأصل في العقود والمعاملات الصحَّة حتى يقوم دليلٌ على البطلان والتحريم)
وأمَّا ما جا ءمن قوله – صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((مَن اشتَرَط شرطًا ليس في كتاب الله فهو باطل وإنْ كان مائة شرط، كتاب الله أحقُّ، وشرطُ الله أوثق)).
فالمقصود به الشروط المحرمة التي تخالف كتاب الله عز وجل، كجعل الولاء لغير من أعتق، وهو مناسبة ورود هذا الحديث
وهذا الشرط الذي اشترطته الشركة ليس محرما في ذاته، وإنما هو لمنع المنافسة الضارة، وإذا كنت قد قصرت في قراءة تفاصيل العقد فإن عاقبة هذا التقصير تقع على عاتقك! فأوف لهم بشرطهم، وأرجو أن يعوضك الله خيرا، والله تعالى أعلى وأعلم