عندما تتزوج الأم الحاضنة لابنتي البالغة من العمر سبع سنوات، فلمن حضانتها؟ للأب أم الجدات أم الخالة غير المتزوجة؟ وهل نفس الحكم ينطبق فيما إذا توفيت الأم الحاضنة؟ هل تُخيَّر البنت عندما تكبر بين أمها وبين والدها؟
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه؛ أما بعد:
فقد وقع خلاف بين أهل العلم فيمن يكون عنده المحضون من الأبوين بعد أن يبلغ من العمر سبع سنوات، فمنهم من قال بتخيير الطفل بين أبويه، ويكون مع من يختاره منهما، ومنهم من جعل هذا التخيير للذكر دون الأنثى، ومنهم من مدَّ حضانة الأم لابنتها إلى البلوغ أو إلى الزواج، ويختار القاضي من هذه الآراء ما يراه أقوم بمصالح المحضون؛ فإن الحضانة مقررة في المقام الأول لمصلحة المحضون، وإذا تزوجت الأم أو ماتت انتقلت الحضانة إلى أمها عند الجمهور(1)، فإذا عدمت أو لم تكن من أهل الحضانة انتقل الحق إلى الأب. والله تعالى أعلى وأعلم.
________________
(1) جاء في «المبسوط» (5/210-212): «(قال:) وأم الأم في ذلك سواء بمنزلة الأم بعدها؛ لأن حق الحضانة بسبب الأمومة وهي أم تدلي بأم فهي أولى من أم الأب؛ لأنها تدلي بقرابة الأب، وقرابة الأم في الحضانة مقدمة على قرابة الأب».
وجاء في «بدائع الصنائع» (4/41-42): «(فصل): وأما بيان من له الحضانة فالحضانة تكون للنساء في وقت وتكون للرجال في وقت والأصل فيها النساء؛ لأنهن أشفق وأرفق وأهدى إلى تربية الصغار ثم تصرف إلى الرجال؛ لأنهم على الحماية والصيانة وإقامة مصالح الصغار أقدر ولكل واحد منهما شرط فلا بد من بيان شرط الحضانتين ووقتهما أما التي للنساء فمن شرائطها أن تكون المرأة ذات رحم محرم من الصغار فلا حضانة لبنات العم وبنات الخال وبنات العمة وبنات الخالة؛ لأن مبنى الحضانة على الشفقة، والرحم المحرم هي المختصة بالشفقة ثم يتقدم فيها الأقرب فالأقرب، فأحق النساء من ذوات الرحم المحرم بالحضانة الأم؛ لأنه لا أقرب منها ثم أم الأم ثم أم الأب؛ لأن الجدتين وإن استويتا في القرب لكن إحداهما من قبل الأم أولى».
جاء في «المنتقى» (6/185-189): «(فصلٌ): وقوله: فولدت له عاصمًا بن عمر. قيل: إنها ولدته قبل وفاة النبي صلى الله عليه وسلم بسنتين، ثم إن عمر فارقها فاقتضى ذلك أن يكون الصبي في حضانة أمه ما لم تتزوج، فإن تزوجت فالجدة أم الأم أحقُّ بحضانته من أبيه».
وجاء في «تحفة المحتاج» (8/356-357): «(وإن اجتمع ذكورٌ وإناثٌ فالأم) مقدمةٌ على الكل للخبر؛ ولأنها زادت على الأب بالولادة المحققة والأنوثة اللائقة بالحضانة (ثم أمهاتها) المدليات بإناثٍ وإن علون؛ لأنهن في معناها».
وجاء في «الإنصاف» (9/416-421): «(وأحق الناس بحضانة الطفل والمعتوه أمه) بلا نزاع. ولو كان بأجرة المثل كالرضاع. قاله في الواضح واقتصر عليه في الفروع . وهو واضح. قوله (ثم أمهاتها) هذا المذهب . وعليه جماهير الأصحاب وقطع به كثير منهم».
وجاء في «المغني» (8/244-245): «فصل: فإن اجتمعت أم أم وأم أب، فأم الأم أحق، وإن علت درجتها؛ لأن لها ولادة، وهي تدلي بالأم التي تقدم على الأب».