ما مدى جواز القول بفصل السلطات في الإسلام (التشريعية، التنفيذية، القضائية) في عصرنا الحالي، وما ضوابط القول بهذا؟ بارك الله فيكم.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد: هذه المسألة ونظائرها من مسائل السياسة الشرعية التي تعتمد النظر المصلحي في ضوء مقاصد الشرع وقواعده الكلية، والأصل في هذا الباب أن كل فعلٍ يكون معه الناس أقرب إلى الصلاح وأبعد عن الفساد وكان ملائمًا لتصرفات الشرع فإنه يكون مشروعًا ولو لم يأت فيه بعينه دليل خاص.
ومن ناحية أخرى فإن أمانة الحكم عندما تدفعها الأمة إلى ولاتها فإن لها أن تقيدهم في عقد التولية بما تراه محققًا لمصالحها وأنفى للفساد عنها، لاسيما وقد تجرعت الأمة غصصًا وويلات كثيرة من القهر والاستبداد السياسي عبر القرون فلا حرج أن تكونَ بيعتها للولاة والأئمة مقيدة بدستور أو عهد ينص فيه على مبادئ وسياسات كلية تكون ملزمة للجميع، تُصان به الحقوق والحريات العامة ويُجعل من الأمة عيارًا على الولاة والأئمة إن زاغوا أو قسطوا فإما أن تعدلَ بهم إلى الحق أو أن تعدلَ عنهم إلى غيرهم، فإن عقد التولية عقد منَ العقود يجوز تقييده بما تقيد به سائر العقود، والأصل في العقود والشروط الحلُّ إلا عقدًا أو شرطًا أحلَّ حرامًا أو حرَّمَ حلالًا. والله تعالى أعلى وأعلم.