في تونس أئمة الجمعة موالون للنظام الهالك، ولا يرغب فيهم المصلون، بعد الثورة المباركة قرَّر أهالي مدينتنا إزاحة إمام جمعة سلَّطه عليهم النظام السابق ولم ينفعهم بشيء في خطبه، ومع ذلك يلحن في قراءة القرآن. فهل للأهالي الحق في إزاحته وتعويضه بإمام مقتدر كان من ضحايا النظام الهالك؟ أفيدونا يرحمكم الله.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه و من والاه؛ أما بعد:
فإن الفتوى تقوم على دعامتين: العلم بالشرع، والدراية بالواقع؟ فإن الفتوى هي معرفة الواجب في الواقع.
والأصل في الأئمة أن يكونوا من أحسن الناس قراءة ودينًا: «يَؤُمُّ القَوْمَ أَقْرَؤُهُمْ لِكِتَابِ الله»(1). وكان الأقرأ يومئذ هو الأعلم والأعبد.
وإذا أمكن تنحية من كان مجروحًا في دينه بفسق أو بدعة فذاك، أما إذا ترتب على إزاحته مفاسد راجحة ولم نتمكن من الصلاة في مسجدٍ آخر، ولو كان أبعد ممشًى فيتعين الصبر عليه حينئذ، ولا يجوز ترك الجُمَع والجماعات من أجل فسق الأئمة أو بدعهم.
وبناء على ذلك فإنه ينبغي أن ترجعوا إلى أهل الحلِّ والعقد فيكم لتقدير الوضع الراهن، وقياس كلٍّ من المفاسد والمصالح المحتملة أو المتوقعة من هذه التنحية لاختيار تحقيق أكمل المصلحتين ودفع أعظم المفسدتين.
وفَّقكم الله تعالى إلى ما يحبه ويرضاه، والله تعالى أعلى وأعلم.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) أخرجه مسلم في كتاب «المساجد ومواضع الصلاة» باب «من أحق بالإمامة» حديث (673) من حديث أبي مسعود الأنصاري رضي الله عنه .