إن الله يقول: «إِنَّ عَبْدًا أَصْحَحْتُ لَهُ جِسْمَهُ، وَوَسَّعْتُ عَلَيْهِ فِي الْـمَعِيشَةِ، تَمْضِي عَلَيْهِ خَمْسَةُ أَعْوَامٍ لَا يَفِدُ إِلَيَّ لَـمَحْرُومٌ».
الراوي: أبو سعيد الخدري وأبو هريرة. المحدث: الألباني. المصدر: السلسلة الصحيحة. رقم: 1662. خلاصة الدرجة: صحيح بمجموع طرقه.
فماذا نستفيد من أحكام فقهية من هذا الحديث؟ وهل يُوجب العمرة كل خمسة أعوام؟ جزاكم الله خيرًا.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
فيستفاد من هذا الحديث إن صحَّ أنه لا ينبغي للرجل الصحيح الموسر أن يترك الحج خمس سنين، فقد قال المنذري في «الترغيب والترهيب» بعد إيراده لهذا الحديث: «رواه ابن حبان في صحيحه والبيهقي وقال: قال علي بن المنذر: أخبرني بعض أصحابنا قال: كان حسن بن حي يعجبه هذا الحديث، وبه يأخذ، ويحب للرجل الموسر الصحيح ألا يترك الحج خمس سنين»(1).
ولكن يعارض هذا أن النبي ﷺ صحَّ عنه أنه لما ذكر الحج قال له الأقرعُ بن حابس: أفي كل عام يا رسول الله؟ قال: «لَوْ قُلْتُ: نَعَمْ. لَوَجَبَتْ، وَلَوْ وَجَبَتْ لَـمْ تَعْمَلُوا بِهَا وَلَـمْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْمَلُوا بِهَا، الْـحَجُّ مَرَّةٌ، فَمَنْ زَادَ فَهُوَ تَطَوُّعٌ»(2).
ولو صحَّ هذا الحديث لكان ما زاد فيه تطوعٌ وفيه واجب، والجمع بينهما أن تُحمل الزيادة على تأكيد الاستحباب. والله تعالى أعلى وأعلم.
______________
(1) «الترغيب والترهيب» (2 /137).
(2) أخرجه أحمد في «مسنده» (1/290) حديث (2642)، والحاكم في «مستدركه» (2/321) حديث (3155) من حديث ابن عباس ب، وقال: «صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه»، وصححه الألباني في «إرواء الغليل» حديث (980)، وأصله أخرجه مسلم في كتاب «الحج» باب «فرض الحج مرة في العمر» حديث (1337) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: خطبنا رسول الله ﷺ فقال: «أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ فَرَضَ الله عَلَيْكُمُ الْـحَجَّ فَحُجُّوا». فقال رجل: أكلَّ عام يا رسول الله؟ فسكت. حتى قالها ثلاثًا فقال رسول الله ﷺ: «لَوْ قُلْتُ: نَعَمْ. لَوَجَبَتْ وَلَـمَا اسْتَطَعْتُمْ». ثم قال: «ذَرُونِي مَا تَرَكْتُكُمْ، فَإِنَّمَا هَلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ بِكَثْرَةِ سُؤَالِـهِمْ وَاخْتِلَافِهِمْ عَلَى أَنْبِيَائِهِمْ، فَإِذَا أَمَرْتُكُمْ بِشَيْءٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ، وَإِذَا نَهَيْتُكُمْ عَنْ شَيْءٍ فَدَعُوهُ».