هل هذا الأثر صحيح: حكم ضرب النساء: «مسند أبي داود الطيالسي»، سليمان بن داود الطيالسي (ص 7- 8).
حدثنا حماد بن زيد عن معاوية بن قرة المزني… فقال عُمر لرجل: قُمْ فادعُه لي. وقامت المرأة حين أرسل إلى زوجها فقعدت خلفَ عمر، فلم يلبث أن جاءَا معًا حتى جلسا بين يدي عمر، فقال عمر: ما تقول في هذه الجالسة خلفي؟ قال: ومن هذه يا أمير المؤمنين؟ قال: هذه امرأتك. قال: وتقول ماذا؟ قال: تزعم أنه قد قلَّ خيرُك، وكثر شرُّك. فقال: بئس ما قالت يا أمير المؤمنين، إنها لمن صالحِ نسائها: أكثرِهنَّ كسوةً وأكثرِهنَّ رفاهيةً، ولكن فحلَها بَكِيٌّ. فقال عمر: ما تقولين؟ فقال: قالت: صدق. فقام إليها عمر بالدِّرة فتناولَها به.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه؛ أما بعد:
فإن هذا الأثر رواه أبو داود في «مسنده»، وقال ابن حجر: إسناده قوي. ونصه: حدثنا أبو داود قال: حدثنا حماد بن يزيد، عن معاوية بن قرة المزني، قال: أتيت المدينةَ زمن الأَقْطِ(1) والسَّمن، والأعراب يأتون بالبِرْقَان(2) فيبيعونها، فإذا أنا برجُل طامحٌ بصرُه(3) ينظر إلى الناس، فظننت أنه غريب، فدنوت منه فسلمت عليه، فردَّ عليَّ وقال لي: مِن أهل هذه أنت؟ قلت: نعم، فجلست معه فقلت: ممن أنت؟ فقال: من هلال، واسمي كهمس- أو قال لي: من بني سلول، واسمي كهمس- ثم قال: ألا أحدثك حديثًا شهدته من عمر بن الخطاب؟ فقلت: بلى. قال: بينما نحن جلوسٌ عنده إذ جاءت امرأةٌ فجلست إليه، فقالت: يا أمير المؤمنين، إن زوجي قد كثُر شرُّه وقلَّ خيرُه. فقال لها عمر رضي الله عنه : ومَن زوجك؟ قالت: أبو سلمة. قال: إن ذاك الرجل رجل له صحبة، وإنه لرجلُ صدق. ثم قال عمر لرجل عنده جالس: أليس كذلك؟ فقال: يا أمير المؤمنين، لا نعرِفُه إلَّا بما قُلْتَ. فقال عمر لرجل: قم فادعُه لي. وقامت المرأة حين أرسل إلى زوجها فقَعَدت خلفَ عمر، فلم يلبث أن جاءا معًا حتى جلسا بين يدي عمر، فقال عمر: ما تقول في هذه الجالسة خلفي؟ قال: ومن هذه يا أمير المؤمنين؟ قال: هذه امرأتك. قال: وتقول ماذا؟ قال: تزعم أنه قد قلَّ خيرُك وكثُر شرُّك. قال: بئس ما قالت يا أمير المؤمنين، إنها لمن صالحِ نسائها، أكثرِهن كسوةً وأكثرِهن رفاهيةً، ولكن فحلها بكِيءٌ(4). قال عمر: ما تقُولين؟ فقالت: صدق. فقام إليها عمر بالدِّرَّة فتناولها بها ثم قال: أَيْ عدوَّةَ نفسها، أكلتِ مالَه وأفنيتِ شبابَه ثم أنشأت تُخبرين بما ليس فيه. فقالت: يا أمير المؤمنين، لا تَعجَل، فوالله لا أجلسُ هذا المجلسَ أبدًا. ثم أمر لها بثلاثة أثواب فقال: خُذي؛ لِـمَا صنعتُ بك، وإياك أن تشتكي هذا الشيخ. كأني أنظر إليها قامت ومعها الثياب، ثم أقبل علَى زوجِها فقال: لا يحملَنَّك ما رأيتني صنعتُ بها أن تُسيءَ إليها، انصرفا. فقال الرجل: ما كنت لأفعل(5). والله تعالى أعلى وأعلم.
_____________________
(1) الأقط: الجُبْن.
(2) البرقان جمع برَقَ؛ وهو الحَمَل (صغير الضأن)، أي الأغنام الصغيرة. «المعجم الوسيط» (حمل).
(3) طمح ببصره: رفعه وحدَّق. «المعجم الوسيط» (طمح).
(4) رجل بَكِيءٌ: قليلُ الخيْرِ (أي المال). «المخصص» لابن سيده (بكأ).
(5) أخرجه أبو داود الطيالسي في «مسنده» (1/7) حديث (32).