نحن نعلم جميعًا أن الأقدار والأعمار بيد الله منذ بدء الخليقة، حيث يقول اللهُ ﴿إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ﴾ [القمر: 49]، وفي آية أخرى: ﴿وَكُلُّ شَيْءٍ عِنْدَهُ بِمِقْدَارٍ﴾ [الرعد: 8]، إلا أنه ورد في الحديث الشريف: «مَنْ سَرَّهُ أَنْ يُبْسَطَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ أَوْ يُنْسَأَ فِي أَثَرِهِ فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ»(1)، فكيف تُطيل صلةُ الرَّحِم الأعمارَ على الرغم من كونها معروفةً مسبقًا عند الله ؟
____________
(1) متفق عليه؛ أخرجه البخاري في كتاب «البيوع» باب «من أحب البسط في الرزق» حديث (2067)، ومسلم في كتاب «البر والصلة والآداب» باب «صلة الرحم وتحريم قطيعتها» حديث (2557)، من حديث أنس بن مالك .
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه و من والاه؛ أما بعد:
فإنَّ من الأقدار أقدارًا مُعلَّقة ومنها أقدارًا محقَّقة، فمن الأقدار الـمُعلَّقة أن يكتب اللهُ عنده أن فلانًا عمره كذا، ورزقه كذا وكذا، وسيُزاد له في أجله أو في رزقه بسبب صلته لرحمه كذا وكذا، وقد علم اللهُ الآخرة والأولى، وكلُّ ذلك بقدرٍ سبق به علمُ الله، وأثبته عنده في الكتاب الأول، فليس ثمة تعارض. زادك اللهُ علمًا وبصيرة. واللهُ تعالى أعلى وأعلم.