فضيلة الدكتور، كنتُ قد بعثتُ إليك سؤالًا وتمَّ تحويلُ الإجابة إلى مقالٍ بعنوان: «ومَن أنا حتى أُسأل عن عظيمٍ من عظماء هذه الأمة؟»، وكان الكلامُ شيِّقًا جدًّا، ولكن بقي أمران:
1. ما هي الطَّريقة التي يُمكن بها أن أنصحه لتصحيح ما في قلبه تُجاه الصحابِيَّيْن الجليلين ب؛ حيث إنه على قدرٍ كبير من العلم والحجَّة ومتعمق جدًّا في قراءاته، وفي نفسِ الوقت أخاف أن تُقبض رُوحه وهو على هذا الخطر العظيم؟
2. ما هي مناقب سيدنا عمرو بن العاص ؟

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه و من والاه؛ أما بعد:
فزادك اللهُ محبَّةً لأصحاب نبيِّه صلى الله عليه وسلم  وغَيْرةً عليهم، وننصحك في نصح صاحب هذه النَّازلة أن يكونَ من خلال من يثق فيهم من أهل العلم ممن يُكِنُّ لهم وُدًّا وتقديرًا وإجلالًا ومهابةً، فلعل هذا أقربُ الطُّرقِ لفتح مغاليق قلبه وانشراح صدره لقبول الحقِّ.
أما عن عمرو بن العاص رضي الله عنه  فإنه أميرُ مِصرَ وفاتحها، يُكنَّى أبا عبد الله وأبا محمد، وكان من رجالات قريش رأيًا ودهاءً وحزمًا وكفاءةً وبصرًا بالحروب، ومن أشراف ملوك العرب، وقد أسلم قبل الفتح بسنةٍ أو سنتين طائعًا راغبًا مهاجرًا إلى المدينة، وقد وقع إسلامُه في قلبه في الحبشة حين اعترف النجاشيُّ بنبوَّته، فأقبل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم  مؤمنًا من غير أن يدعوه أحدٌ إليه، فجاء إلى المدينة في الحال ساعيًا فآمن، ومن مناقبه أن الرسولَ صلى الله عليه وسلم  أمَّره، وقد تأمَّر على مثل أبي بكرٍ وعمر لتبصره بالأمور ودهائه، وقال عنه جابر بن عبد الله: صحبتُ عمرَو بن العاص فما رأيتُ رجلًا أبينَ قرآنًا ولا أكرم خلقًا ولا أشبه سريرةً بعلانيةٍ منه(1). وأخرج أحمدُ عن طلحةَ مرفوعًا: عمرو بن العاص من صالحي قريشٍ(2). وقد روى التِّرْمذيُّ من طريقٍ ضعيف عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم  قولَه: أسلم النَّاسُ وآمن عمرُو بن العاص(3).
نسأل اللهَ أن يُلحقنا بهم في الصَّالحين، وأن يجعلَنا ممن طَوَوْا قلوبَهم على محبَّةِ أصحاب نبيِّه صلى الله عليه وسلم  والتَّرضِّي عنهم جميعًا. واللهُ تعالى أعلى وأعلم.
ــــــــــــــــــــــــــ
(1) أخرجه ابن عساكر في «تاريخ مدينة دمشق» (46/179).
(2) أخرجه أحمد في «مسنده» (1/161) حديث (1382)، والترمذي في كتاب «المناقب» باب «مناقب عمرو بن العاص رضي الله عنه » حديث (3845)، وذكره الألباني في «السلسلة الصحيحة» (653).
(3) أخرجه أحمد في «مسنده» (4/55) حديث (17449)، والترمذي في كتاب «المناقب» باب «مناقب عمرو بن العاص رضي الله عنه » حديث (3844) من حديث عقبة بن عامر رضي الله عنه ، وذكره الألباني في «السلسلة الصحيحة» (155).