أنا مهندس، وهوايتي- ومن أهم هواياتي- هي التفقه في الدين، وأريد من فضيلتكم توضيحَ التصرف عند الخلاف الفقهي في المسائل المتعددة؛ حيث سمعت من الدكتور سعد الدين هلال أستاذ الفقه المقارن أنه عند الخلاف السائغ كمسألة التصوير مثلًا يجوز الأخذُ بأيِّ رأيٍ من الآراء، وبخاصة الأيسر، فما القول الفصل في ذلك؟ وأيُّ كتب الفقه المقارن أقرأ؟ وكيف أستطيع الترجيح عند الخلاف إن أردت ذلك؟ يقول علي السالوس: إنه يفترض الأخذ بقول مجمع الفقه الإسلاميِّ. هل هذا صحيح؟
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه و من والاه؛ أما بعد:
فإن واجب العاميَّ أن يسأل أهل الذكر فيما عرض له من نوازل، فإذا اختلفت عليه فتاوى المفتين فلابد له من أن يبذل جهدًا يحصل له معه يقينٌ أو غلبة ظنٍّ أن هذا هو حكم الله عز و جل .
وسبيله إلى ذلك أن يأخذ بفتوى الأعلم والأورع، ويُعرف ذلك بالشيوع والاستفاضة، أو يأخذ بما عليه جماهير أهل العلم، فإنه يغلب على ظنه أن الصواب يكون مع الكثرة من الفقهاء، وقريب من هذا العمل قرارات المجامع الفقهية في واقعنا المعاصر، أو يأخذ بالأحوط بحيث يأتي بالعمل على نحو يكون متفقًا على قبوله من الجميع، أو يبحث له عن عالم ثقة يُرجِّح له بين هذه الآراء المتعارضة.
واعتبر في هذا بما يفعله المريض عندما تختلف عليه تشخيصات الأطباء ووصفاتهم العلاجية، فإنه لا يأخذ في العادة بأيسر هذه الوصفات ولا بأقلِّها تكلفةً، بل لا يزال يبحث ويتحرَّى حتى يتأكد أنه يمضي على الطريق الصحيح في مقاومة عِلَّته، فهذا من جنس ذاك.
وفضيلة الدكتور السالوس من هؤلاء الصفوة الذي نحسبهم من بقية السلف الصالح، ولا نُزكي على الله أحدًا، وهو عضو في جميع المجامع الفقهية المعروفة، فضلًا عن كونه النائب الأول لرئيس مجمع فقهاء الشريعة بأمريكا. واللهُ تعالى أعلى وأعلم.