أنا طبيب بشري عملت في الطبِّ لمدة عشر سنوات، وقد أقسمت قسَمَ الطَّبيب برعاية المرضى.
انتقلت للعمل في مجال الإدارة الطبية والبحث، وأغلقت عيادتي، وعملت في المجال الإداري فقط، وأصبحت لا أقوم بتوقيع الكشف على أي مريض.
يأتيني بعضُ المرضى في المنزل فأرفض توقيع الكشف عليهم وأقول لهم بأني لا أقوم بالكشف؛ حيث إنني أعمل إداريًّا الآن وأنني لا اعمل بالمنزل، علمًا بأن المدينة بها مستشفى ومراكز طبية وعدد كبير من الأطباء الآخرين الذين يُقدِّمون نفس الخدمة. فهل هذا حلال أم حرام؟ وهل هناك كفارة للقسم الذي أقسمته بالكشف عن المرضي(قسم الطبيب وهو يبدأ بأقسم بالله العظيم)؟ وهل على وزرٌ أن امتهن مهنة أخرى غيرَ الطب؟ أفيدوني جزاكم الله عني وعن الأمة خيرَ الجزاء.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه؛ أما بعد:
فإن رسالة الطبيب رسالة نبيلة، فهو يأسو الجراح ويخفف الآلام، ويعيد بإذن الله البسمةَ إلى الشفاه، وقد كان الشافعي رحمه الله، يقول: «لا أعلم علمًا بعد الحلال والحرام أنبل من الطب»(1).
ولا يلزمك الحرجُ في ترك إغاثة من لجأَ إليك إلا إذا تعيَّنت لذلك، كما لو وجدت في منطقة ليس بها طبيب غيرك، أو وجد وكان المريض لا يستطيع تحمُّل التكاليف المادية للكشف عليه لدى طبيب آخر، فوصيتي أن تحتسب عند الله تعالى إغاثتك للملهوفين من المرضى ما استطعت، وأن تعتبرَ ذلك زكاةً عن علمك وعن عافيتك.
ولا أظن أن ما حدث يُعدُّ إخلالًا بالقَسَم، وإذا أردت أن تُخرِج كفارة يمين احتياطًا فلا حرج.
ولا أرى لك تركَ مهنة الطب إلى غيرها، ولكن مردُّ الأمر إلى تقديرك، إذ لا حرجَ عليك في امتهان المهنة التي تريد. زادك الله حرصًا وتوفيقًا. والله تعالى أعلى وأعلم.
_______________
(1) ذكره الذهبي في «سير أعلام النبلاء» (10/57).