أرجو منكم الإجابة على هذه الأسئلة التي سببت لي إزعاجًا كبيرًا أدخلني في حالة من الاكتئاب لا يعلمها إلا الله. ومعذرة مني على ذكر بعض التفاصيل التي تدعو إلى الاشمئزاز والتقيُّؤ، لكني ما كتبت هذه الرسالة إلا لأني أريد أن أتوب وأن أُعافى من هذه القاذورات.
بداية قصتي كانت مع إدمان الأفلام الإباحية وممارسة العادة السرية عند مشاهدة هذه المقاطع الرذيلة، وكنت دائمًا أريد الإقلاع عن هذه القاذورات لكن سرعان ما أعود إليها مرة أخرى، ولكن القصة للأسف لم تنقطع عند هذه الدرجة، بل كانت هذه المواقع تعرض كذلك مقاطع جنسية لزنا المحارم والعياذ بالله، فكنت في الأول أتجنب هذه المقاطع ولا أدخل عليها لكن مع مرور الوقت بدأ الفضول يراودني فبدأت أدخل عليها وأتفرج عليها، إلى أن وصلت أني أمارس العادة السرية عند مشاهدتها، فأصبحت بعدها تُسبب لي كثيرًا من القلق والاكتئاب وأصبح ضميري يعاتبني وتأتيني وساوس بأني متساوٍ معهم في الذنب وأصبحت خائفًا.
فأريد أن أعرف هل أنا بهذا كمن زنى والعياذ بالله بمحارمه؟ وكيف أتوب من هذا الذنب؟
القصة لم تنته إلى هنا، بل تعرفت على فتاة في النت وأردت أن أتقدم لخطبتها، وذات يوم وأنا أشاهد هذه المقاطع المقززة، استجلبت صورة هذه الفتاة التي أريد خطبتها وبدأت في الاستمناء، وعندما انتهيت من هذه العادة الخبيثة ألقي في صدري صوتٌ قوي لا أدري ما هو ولا أدري هل تلفظت بهذا الكلام أم لا، بل إني قمت من مكاني وقلت وأنا لا أدري: أكان ذلك في نفسي أم بصوت عال، وتساءلت: هل بهذه المشاهدة لهذا المقطع أكون قد حرمَّت هذه الفتاة على نفسي؟ فالمقطع الإباحي كان يحاكي زنى المحارم ولا أدري كان تمثيلًا أم حقيقة، وعند مشاهدته أردت الاستمناء باستجلاب وتخيُّل صورة الفتاة التي أريد خطبتها، وعند الانتهاء ألقيت هذه الأفكار والوساوس في صدري وفكري. فأصبحت في حيرة من أمري.
هل تكون هذه الفتاة محرمةً عليَّ بعد الذي حصل؟ علما بأن هذه الوساوس أتتني مباشرة بعد الانتهاء من الاستمناء؟
و أكثر أمر يقلقني هو أني إذا أردت أن أشاهد أيَّ فيلم إباحي تأتيني وساوس عند المشاهدة بأن هذه المرأة التي في الفيلم هي- والعياذ بالله- أمُّ الفتاة التي أريد خطبتها، فكلما تأتيني هذه الوساوس القهرية كنت أبحث عن مقطع ثان حتى أطرد هذه الصور القهرية التي تأتيني عن هذه المرأة المسكينة التي أريد أن أتقدم لخطبة ابنتها والتي ستكون بمثابة أمي، فأنا أبغض أن تأتيني هذه التخيلات القبيحة بخصوص حماتي المستقبلية إن شاء الله، فأصبحت كلما دفعتني شهوتي لمشاهدة الأفلام الإباحية تأتيني هذه الوساوس القهرية عند تصفُّحي ومشاهدتي لهذه المقاطع.
فيا شيخنا والله وعند مشاهدتي هذه المقاطع أقوم في نفس الوقت بدفع ومحاولة طرد هذه الأفكار التي سببت لي إزعاجًا أكبر على المعصية التي أنا فيها، ووالله وإن كنت أبغض أن أكون عاصيًا لله إلا أني أبغض أكثر أني تأتيني مثل هذه الأفكار والوساوس الجنسية عند اقتراف المعصية أو غيرها.
حتى إني وصلت إلى مرحلة أني كلما أردت الاستمناء أقوم بطرد هذه الوساوس الجنسية القهرية وفي نفس الوقت أفكر في امرأة أخرى حتى أُسهِّل على نفسي طردَ هذه الوساوس التي والله دمرت حياتي.
بل من خوفي من هذه الأفكار تطوَّر الأمرُ معي حتى أنه أصبحت هذه الأفكار البغيضة تراودني وأنا في الطريق عندما أنظر بشهوة إلى أي إمرأة كانت. فتأتيني هذه الأفكار بأن هذه المرأة التي نظرت إليها بشهوة هي حماتي.
الأمر أصبح لا يطاقُ وتعبت نفسيًّا. فسؤالي هو كالآتي:
هل هذه الوساوس التي بخصوص حماتي المسقبلية (علمًا أني لم أرها بعد) تُحرِّم عليَّ خطبة هذه الفتاة، أم أنها مجرَّد وساوس جنسية وقهرية لا ينبني عليها حكمٌ شرعي بالتحريم؟
أرجو منكم الإفادةَ والتفصيل لأني إنسان موسوسٌ، وادع لي يا شيخ بالهداية وأن يشرح الله صدري وأن يحصن فرجي، فوالله أصبحت كئيبًا مهمومًا، وإني رغم كل ذلك أريد أن أتوبَ.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه؛ أما بعد:
فماذا تتوقع بعد استغراقِك في مستنقع الإثم على هذا النحو إلا ضَنْكَ المعيشة، وبؤسَ الحياة، وعذابات الاكتئاب ومرارات الوساوس؟!
لقد استزلك الشيطانُ واستدرجك إلى شعابِه الـمُهلكة، وتقلبت من خطيئة إلى خطيئة، ومن حفرة إلى حفرة أخرى أعمق وأشد ظلمة!
البدارَ البدارَ إلى التوبة يا بني، ولا تتأخر في ذلك طرفةَ عين ولا أقل من ذلك، ولم يزل هنالك ربٌّ رحيمٌ يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار، ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل(1).
قاطِع هذه المواقع إلى الأبد، اسع إلى التماس العفاف المشروع من خلال الزواج، اتَّخِذ لك رفقة صالحة تذكرك بالله وتعينك على طاعته.
وهذه الوساوس التي وقعت فيها وتلك التخيُّلات الآثمة التي استغرقت فيها لا تحرِّم عليك فتاةً تريد أن ترتبط بها من خلال زواج مشروع، ولا تُعتبر من قبيل الزنى الموجِب للحدِّ.
فبادر إلى استصلاح أحوالك بالتوبة وبالتماس البدائل المشروعة، وقد يكون من المناسب أن تعرض حالتك على طبيب نفسي من صالحي الأطباء، تلتمس مشورته بين يدي الزواج. والله تعالى أعلى وأعلم.
——————————-
(1) فقد أخرج مسلم في كتاب «الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار» باب «استحباب الاستغفار والاستكثار منه» حديث (2703) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مَنْ تَابَ قَبْلَ أَنْ تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبِهَا تَابَ اللهُ عَلَيْهِ».
وأخرج أيضًا في كتاب «التوبة» باب «قبول التوبة من الذنوب وإن تكررت الذنوب» حديث (2759) من حديث أبي موسى رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إِنَّ اللهَ عز وجل يَبْسُطُ يَدَهُ بِاللَّيْلِ لِيَتُوبَ مُسِيءُ النَّهَارِ، وَيَبْسُطُ يَدَهُ بِالنَّهَارِ لِيَتُوبَ مُسِيءُ اللَّيْلِ، حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبِهَا».
وأخرج أبو داود في كتاب «الجهاد» باب «في الهجرة هل انقطعت» حديث (2479) من حديث معاوية رضي الله عنه، قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «لَا تَنْقَطِعُ الْـهِجْرَةُ حَتَّى تَنْقَطِعَ التَّوْبَةُ وَلَا تَنْقَطِعُ التَّوْبَةُ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ من مَغْرِبِهَا». وذكره الألباني في «صحيح سنن أبي داود» حديث (2479).