كل رمضان وأنت وأسرتك إلى الله أقرب، تقبل الله، وأعانكم على صومه وقيامه واحتساب أجره.
شكرًا لاهتمامك بسؤالي وسعيك مقدما على إيجاد الجواب المناسب. شرح خلفية
السؤال الأول: وصلتني من بنك (ن س ج ي) إفادة حسابي من فترة طويلة، ولاحظت بعض المال الزائد بشكل ملحوظ عن حجمِ مدخراتي في ذلك الوقت. البنك بعدها أخبرني أن تلك الزيادة الملحوظة في الإفادة هي أرباح ناتجةٌ عن قيمة مدخراتي وقتها في الحساب الرئيسي الذي فتحته لي فودافون في 2/ 2007، وهو حساب جارٍ. المشكلة في الأتي:
1- أنا لم أكن على علم بأن الحساب سينتج عنه أرباح. أي أنه لم يكن من أمر مني للبنك.
2- لم تكن لدي معرفة بمسميات أنواع الحسابات البنكية؛ حيث كان يقتصر تعاملي مع البنك وقتها بسحب المال من الماكينة أو الصراف.
2- لم ألحظ تلك الزيادة مطلقًا قبل تلك الإفادة البنكية؛ لعدم وجود مدخرات ثابتة, حيث كان هناك دائمًا سحب وإيداع من ناحيتي، لكن كان هناك أشهر عديدة لا أقوم فيها بسحب مبالغ كثيرة من الحساب، عكس ما كان يحدث في غيرها، وهو ما أوصلني لمعرفة وجود زيادة في الحساب.
3- حين طلبت من البنك أن يحصر لي المبلغ المالي الكلي الناتج عن هذه الأرباح بِدءًا من تاريخ فتح الحساب من جانب فودافون, أفادني بأن المبلع يزيد عن 26000 جنيه مصري. أسألتي هي:
1- هل يجب أن أخرج كل تلك الأرباح منذ اليوم الأول لفتح الحساب (فبراير 2007)؟ أم اكتفي بإخراج الأرباح بِدءًا من تاريخ معرفتي بأن البنك يحسب لي أرباحًا؟
2- منذ أكثر من عام قُمت بإقراض أخي المقيم في الخارج ما يزيد عن نصف مدخراتي لمساعدته في شراء منزل، وهو لم يستطع أن يعيد لي المبلغ في الميعاد المتفق عليه لصعوبة وضعه المالي. فهل يجوز أن أخصم من قيمة ذلك الدين ما يعادل ما يجب إخراجه من قيمة الأرباح؟
سؤالي التالي له علاقة بالدَّين الذي أقرضته لأخي:
قمت بإقراضه المال منذ عام بالدولار الأمريكي، فهل يجوزُ أن يُعيد لي المال أيضًا بالدولار؟ مع العلم أن سعر العملة غير ثابت. فهل يقع ذلك تحت بند الربا؟
إذا أعاد المبلغَ لي بالجنيه المصري قد تقع عليَّ خسارة كبيرة؛ لأني قمت بخصم ما يعادل 2000 دولار من قيمة الدَّين بدءًا من بضعة شهور وحتى هذه التاريخ، وتلك كانت مصاريف علاجية تحملها هو أثناء إقامتي عنده لتلقي العلاج، وقررت خصمها من قيمة الدَّين من أجل التسهيل عليه لسداده. مع العلم أنه ما زال يصله بالبريد بعضُ الفواتير الطبيَّة الخاصة بي, وهو يقوم بسدادها كما هو متَّفق على أن يُخصم قيمة تلك الفواتير من الدين. حاولت أن أوضح أسئلتي قدر الإمكان.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه؛ أما بعد:
فالذي ننصح به هو التخلص من جميع الأموال التي تبيَّن لك أنها دخلت إلى حسابك باسم الفوائد الربوية، ما علمت أنه كذلك وما لم تعلم، فإن الشارع لم يجعل من الربا سبيلًا إلى التملك.
والتخلص منها يكون بتوجيهها إلى بعض المصارف العامة، ومنها مساعدةُ أخيك الذي لا تكفي مواردُه لاحتياجاته.
وأرجو أن لا يكون هناك حرجٌ في طرح ديونه التي يعجز عن وفائها من هذا المبلغ، وإن كان مثل ذلك لا يجوزُ في باب الزكاة؛ لأن الأمر في الزكاة الواجبة أضيق.
وأما بالنسبة لوفاء الدين فالأصل أن تُرَدَّ الديون بأمثالها، فمن اقترض بالدولار يلزمه الوفاء بالدولار، فهذا حقك، وليس من الربا في شيء، وإن عجز عن توفير الدولار وقت الوفاء فيلزمه أن يقدم لك ما قيمتُه ألف دولار في وقت السداد وليس في وقت تسلم القرض.
والأصل في ذلك حديثُ ابن عمر رضي الله عنهما قال: كنا نبيعُ الإبلَ بالبقيع بالدنانير فنأخذ عنها الدراهمَ، وبالدراهم فنأخذ عنها الدنانير، فسألنا رسولَ الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك فقال: «لَا بَأْسَ أَنْ تَأْخُذَهَا بِسِعْرِ يَوْمِهَا مَا لَمْ تَفْتَرِقَا وَبَيْنَكُمَا شَيْءٌ»(1). والله تعالى أعلى وأعلم.
_________________
(1) أخرجه أبو داود في كتاب «البيوع» باب «في اقتضاء الذهب من الورق» حديث (3354)، والترمذي في كتاب «البيوع» باب «ما جاء في الصرف» حديث (1242)، وقال الترمذي: «العمل على هذا عند بعض أهل العلم أن لا بأس أن يقتضي الذهب من الورق والورق من الذهب، وهو قول أحمد وإسحاق. وقد كره بعض أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهم ذلك».