هل من مات كافرًا يجوز لَعْنه والشَّهادة بأنه من أهل النَّار؟
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه و من والاه؛ أما بعد:
فقد دلَّت النُّصوص على أن مَن مات على الكفر فهو من أهل النَّار، قال تعالى: ﴿وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الْآنَ وَلَا الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ أُولَئِكَ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا﴾ [النساء: 18]، وقال تعالى: ﴿وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ﴾ [البقرة: 217].
ولكن هذا حكمٌ عام يجب الإيمان به على عمومه، فيجب اعتقادُ أن كلَّ من مات على الكفر فهو في النَّار حكمًا عامًّا، ولكنه لا يُوجب لَعْن الـمُعيَّن ولا الشَّهادة على الـمُعيَّن بأنه في النَّار، اللَّهُمَّ إلا من وردت فيه بعينه أدلة بذلك(1)، ويُشبه هذا الشَّهادة بكلِّ من مات مؤمنًا بأنه في الجَنَّة، ومع ذلك لا نشهد لـمُعيَّن بالجَنَّة إلا لمن شهد له الرَّسول ﷺ، وكما نقول: لَعَن اللهُ السارق؛ لقوله ﷺ: «لَعَنَ اللهُ السَّارِقَ» الحديث(2).
ومع ذلك لا يلزم من ذلك لَعْن السارق الـمُعيَّن؛ لأن ثبوتَ الحكم لـمُعيَّن يتوقَّف على تحقُّق شروطٍ وانتفاء موانع، فنقول: لَعَن اللهُ السَّارق، ولَعَن اللهُ شارب الخمر، ولعن الله آكل الرِّبا. ولا يجوز لنا لَعْن الـمُعيَّن لكونه سارقًا أو شاربًا أو آكلَ رِبًا. واللهُ تعالى أعلى وأعلم.
ـــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) كما في قوله تعالى عن أبي لهب: ﴿تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ * مَا أَغْنَى عَنْهُ مَالُهُ وَمَا كَسَبَ * سَيَصْلَى نَارًا ذَاتَ لَهَبٍ * وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ * فِي جِيدِهَا حَبْلٌ مِنْ مَسَدٍ﴾ [سورة المسد].
(2) متفق عليه؛ أخرجه البخاري في كتاب «الحدود» باب «لعن السارق إذا لم يسم» حديث (6783)، ومسلم في كتاب «الحدود» باب «حد السرقة ونصابها» حديث (1687)، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه .