السؤال
لدي مشكله أرجو حلَّها: تأتني أفكار بدأت بوساوس الشيطان في الإيمان، ووصلت إلى سب الدين والعياذ بالله في الفكر، وليس نطقًا، كنت في الأول أقاومها ولكن أصبحت عادةً وتتكرر عدَّةَ مرات، مرة بالوسوسة ومرة عندما يحدث لي شيءٌ سيء، والله أنا لا أريد ذلك وأستغفر الله وأحاول التوبة، وسمعت أن ذلك كفرٌ والعياذ بالله، فأنا بعدت عني الوساوس ولكن بعدها أصبح الأمر يحدث من نفسي، وقررت محاربه نفسي الأمارة بالسوء.
وفي مرة صليت توبة وشهدت أن لا اله إلا الله وأن محمدًا رسول الله، وقلت لزوجي أنه يمكن بذلك الفعل أن ينفسخ عقدي منه، وطلبت منه ردِّي كردِّ المطلقة، وفعَل ذلك، وفي نفس الليلة حدث سبٌّ مرة أخرى دون أن أتلفظ، وطلبت منه ردي مرة أخرى، ولكن تكرر الأمر بعد يومين، ولا يجوز الآن أن أجعله يردني مرة ثالثة. ماذا أفعل؟
والله أحارب ضعف إيماني الذي كان سببه المشكلة الأولى التي استشرت بها قبل ذلك، أعرف أنه كان لدي وساوس ولكن مشكلتي أني أستسلم ويؤدي بي ذلك لمظاهر الكفر مثل السب، ولكن بعد ذلك أشعر بالندم والتوبة، أعلم أنه يجب أن أقترب من الله وأنا أفعل ذلك الآن، ولكن ماذا عن زواجي؟
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه؛ أما بعد:
فقاومي هذه الوساوس ما استطعت، وتترَّسي بعدة الإيمان، وعدة الذكر، واحرصي على مخالطة الصالحات ومجالسة القانتات، ولا يزال لسانُك رطبًا بذكر الله([1]).
وكلما وسوست لك نفسُك عارضًا من هذا القبيل فكُفِّي عن الاسترسال معه، وأمسكي عليك لسانك، واتفلي عن يسارك ثلاثًا، وقولي: الحمد لله الذي رَدَّ كيده إلى الوسوسة([2]).
وأرجو أن لا يضرك ما تفلَّت منك كرهًا وقهرًا، مما لا يَدَ لك فيه، ما دام قلبك كارهًا لهذه الهواجس ومبغضًا لها، ومطمئنًّا بالإيمان. والله تعالى أعلى وأعلم.
______________________________
([1]) فقد أخرج أحمد في «مسنده» (4/ 188) حديث (17716)، والترمذي في كتاب «الدعوات» باب «ما جاء في فضل الذكر» حديث (3375) من حديث عبد الله بن بسر رضي الله عنه: أن رجلًا قال: يا رسول الله إن شرائع الإسلام قد كثُرت عليَّ فأخبرني بشيء أتشبث به. قال: «لَا يَزَالُ لِسَانُكَ رَطْبًا مِنْ ذِكْرِ الله». وقال الترمذي: «هذا حديث حسن».
([2]) فقد أخرج أحمد في «مسنده» (1/ 235) حديث (2097)، وأبو داود في كتاب «الأدب» باب «في رد الوسوسة» حديث (5112)، والنسائي في «عمل اليوم والليلة» ص420. من حديث ابن عباس رضي الله عنهما قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله إن أحدنا يجد في نفسه يُعَرِّضُ بالشيء لأن يكون حُمَمَةً أحبُّ إليه من أن يتكلم به. فقال: «اللهُ أَكْبَرُ اللهُ أَكْبَرُ اللهُ أَكْبَرُ؛ الْـحَمْدُ لله الَّذِي رَدَّ كَيْدَهُ إِلَى الْوَسْوَسَةِ»، وذكره الحافظ العراقي في «تخريج أحاديث الإحياء» (2/ 935) وجوَّد إسناده، وذكره الألباني في «صحيح سنن أبي داود» حديث (5112).