السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
فضيلة الشيخ
مساجد كثيرة تخوض في الدعوة بما يسمى بوحدة الأديان أو التقارب بينها ( interfaith ) علما أنه من أصول الاعتقاد في الاسلام الإيمان بأنه لا يوجد على وجه الأرض دين حق سوى دين الإسلام.
بكوني عضو في لجنة مسجد جديد في ولاية واشنطن، هل يجوز لي أن أخوض في مثل هذه البرامج؟
وإذا كان الجواب لا، فكيف أقنع باقي أعضاء لجنة المسجد بأن هذه دعوة باطلة؟
جزاكم الله خيرا
الإجابة
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد: فإن الإنترفيث أو اللقاءات مع ممثلي الديانات المختلفة تعبير مجمل، يطلق على عدة معان، منها ما هو مشروع، ومنها ما هو ممنوع:
فإن قصد به الدعوة إلى الله تعالى، والقيام بحجته على عباده، وبيان الحق للمسترشدين، ودفع صيال المعاندين والمعتدين، فذلك سعي مشكور وعمل صالح مبرور.
وإن قصد به مجرد التعريف بالحق في أمم تجهله، وأوساط تنكره، إزالة للوحشة من قلوبهم، وكسرًا لحاجز النفرة من نفوسهم، ثم يقررون لأنفسهم بعد ذلك ما يريدون، فذلك في ذاته من السعي المشكور والعمل المبرور.
وإن قصد به السعي لإيجاد تعايش آمن بين أصحاب الديانات المختلفة تحقن به الدماء وتسكن به الثائرة، ويتمكن الناس معه من التقلب في أسفارهم آمنين، ويتمكن معه حملة الحق من تبليغ رسالتهم والإعذار إلى مخالفيهم بعيدًا عن أجواء التوتر والشحناء والخصومات، فهذا مقصود مشروع وغاية محمودة.
وإن قصد به التوصل إلى صيغة لتحقيق المصالح الحياتية المشتركة بين البشر لا سيما بين من ينتمون إلى إقليم واحد، أو تجمعهم روابط مشتركة تمس الحاجة معها إلى مثل هذا التعاون فلا حرج في ذلك، ولا تثريب على أصحابه، فقد جعل الله الأرض مشتركًا بين عباده جميعًا: برهم وفاجرهم، مسلمهم وكافرهم، صالحهم وطالحهم، فقال تعالى: {وَالْأَرْضَ وَضَعَهَا لِلْأَنَامِ} [الرحمن: 10]. وقال تعالى: {كُلًّا نُمِدُّ هَؤُلَاءِ وَهَؤُلَاءِ مِنْ عَطَاءِ رَبِّكَ وَمَا كَانَ عَطَاءُ رَبِّكَ مَحْظُورًا} [الإسراء: 20]. وهذا هو أساس عمارة البلدان واستتباب العمران.
أما إن قصد به الدمج بين الأديان، والخلط بين الملل، والسعي إلى إيجاد إطار عقدي مشترك يمسخ خصوصياتها العقدية، وقد يبلغ الأمر مبلغ طباعة القرآن مع غيره من الكتب الدينية الأخرى في غلاف واحد، فذلك عدوان على الملل جميعًا، بل هو الغش الديني والثقافي الذي يتجاوز في خطره وضرره الغش التجاري الذي تجرمه النظم والقوانين في مختلف الثقافات والحضارات.
هذا ولابد من التأكيد على ما أشرت إليه من أن رسالة الإسلام تمثل جوهر رسالات الأنبياء جميعًا في صورتها الأصلية والكاملة والخاتمة، وأنها موجهة إلى البشرية جمعاء بما في ذلك أتباع الأنبياء الذين بعثوا قبل بعثة خاتم الأنبياء والمرسلين محمد ﷺ. وأن الدين عند الله الإسلام، وأن من يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين
هذا وإن الأصل في لقاءات الإنترفيث أنها عمل علمي ومهارة دعوية، فهي تقوم على العلم الشرعي مع التمكن من الخطاب العام، ومعرفة عادات البلد و أهله و نظامه، فلا مدخل فيها للعامة وأشباه العامة، وينبغي فيمن يتصدر لهذا المجال أن يكون لديه من العلم ما يقيه فتنة الشبهات، ومن التدين ما يقيه فتنة الشهوات، وأن يكون لديه من القدرة على الحوار ما يتمكن به من عرض الحق، والدفاع عنه، ورد شبهات خصومه.
وقد عقد مجمع فقها ءالشريعة بامريكا دورة كاملة حول موضوع الإنترفيث فأنصحك بمراجعة قراره حولها على موقع المجمع amjaonline.org
والله تعالى أعلى وأعلم