هل يجوز التراجع عن الطلاق المعلق، والتنازل عنه بعد صدوره؟
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه؛ أما بعد:
فقد اختلف أهل العلم في ذلك على ثلاثة أقوال:
القول الأول- وهو الذي عليه جماهير أهل العلم: أنَّ من علَّق الطَّلاق على حصول شيء- لا يُمكنه التراجعُ عن ذلك التعليق؛ لأنَّه أخرج الطَّلاق من فمه على هذا الشرط؛ فلزم كما لو كان الطَّلاق مُنَجَّزًا.
القول الثاني: جواز التَّراجع عن الطَّلاق المعلَّق: وهو قولٌ في مذهب الحنابلة، ووجهه القياس؛ فإنَّ الإنسان إذا قال لعبده: إذا جاء رأس الشهر فأنت حرٌّ؛ فإنَّ له أن يرجع في العِتق، وهو أشدُّ نفوذًا من الطَّلاق وأحبُّ إلى الله؛ فلأنْ يجوز ذلك في الطّلاق من باب أولى.
القول الثالث: جواز التَّراجع عن هذا الطَّلاق إن كان التَّعليق من باب المعاوضة؛ مثل أن يقول: إن أعطيتِني ألفًا فأنتِ طالق؛ فله الرُّجوع ما لم تعطه. وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله.
وقول الجمهور أسعد الأقوال بالصواب وأولاها بالقبول، قطعًا لذريعة العبث بالعصمة الزوجية، والقول بغير هذا لا يكاد يثبت معه طلاق قط.
وقد أبى الشيخ محمد بن صالح العثيمين- بعد أن حكى قول شيخ الإسلام ابن تيمية أن يُفتي به وقال: «وهذا وإن كان له وجه من النّظر إلّا أنّنا لا نفتي به»… ثم أردف فقال: «وأمَّا إذا كان شرطًا محضًا؛ مثل أن يقول: إذا جاء العيد فأنتِ طالقٌ؛ فإنَّه لا يملك الرُّجوع، ولا إبطاله، ولا إبطال التَّعليق»(1). والله تعالى أعلى وأعلم.
_________________
(1) «الشرح الممتع» (13/129).