أود أولًا أن أشكركم على مجهودكم ووقتكم وعلى الرأي الذي قدمتموه لنا، والذي يقضي بفصل إدارة التمويل المالي بالشركة عن إدارة المبيعات؛ بحيث تكون إدارة التمويل المالي تحت إدارة وملكية شخص آخر غيري، وبها موظفون آخرون، ولكن نريد أن نحيطكم علمًا بأن هذا الحل سيصعب تطبيقُه في الوقت الحالي لعدة أسباب:
1- أن موظفي إدارة المبيعات هم من يقوموا بملئ استمارة الكشف عن الموقف الائتماني في معظم الأحيان.
2- أحيانًا يقوم موظفو إدارة المبيعات بالشروع في عملية البيع من خلال الاتصال هاتفيًّا بزبائن سابقين لإقناعهم بتحديث السيارات، مع علمهم بأن هؤلاء الزبائن يعتمدون على القروض في الشراء.
3- ليس من العملي في مجال وكالات السيارات أن تفصل إدارة التمويل المالي؛ حيث إنها تحتاج دائمًا إلى المساعدة والتوجيهات من إدارة المبيعات.
4- كما أن شريكي في هذه التجارة ليس على استعداد لأن يقوم بهذه الخطوة في الوقت الحالي؛ نظرًا لارتباطاته الأخرى المتعلقة بالرهن العقاري وبعض القروض.
وحيث إنني ما زلت مصرًّا على رغبتي في الخروج من هذه الممارسات المحرمة المتعلقة بتجارتي، مع العلم بأني كنت أعتمد دائمًا على آراء بعض الأئمة والمشايخ الذين أفتوا لي بجوازها، ولكن ما تزال هذه الغصة بقلبي من أنها ربما تكون محرمة.
ومما أكد شكوكي هو لقائي الرائع مع فضيلتكم والحديث عنها بشكل مفصَّل؛ مما جعلني أقتنع تمامًا بوجهة نظركم ورؤيتكم لحكم هذه التجارة.
وبما أن اللهَ قد أنعم عليَّ بالصحة والمال والبنين، فسيكون تأخيرُ تطبيق هذا الحل من طرفي انتظارًا لشريكي هو بمثابة عدم شكر لهذه النعمة.
ولذلك فأن أسعى إلى حلٍّ وفتوى تمكِّنُني من بيع الوكالة الحالية بشكل كامل والانتفاع منها فقط بقيمة الإيجار التي سأحصل عليها، وأن أقوم ببيع السيارات إلى وكالات بيع السيارات بسعرٍ محدد وبقيمة ربحٍ محددة، وذلك في مقابل حصتي الاستثمارية في رأس مال هذه التجارة.
وسيكون لي من خلال هذا الحل إن كان جائزًا موظفٌ واحدٌ فقط داخل الوكالة (محاسب)، يقوم بمراقبة المال الذي أقرضته للوكالة التي ستكون في هذه الحالة تحت الملكية الكاملة لشريكي.
كما أنني أسعى من خلال هذا الحل إلى الحصول على نسبةِ ربح ثابتةٍ من كل سيارة تُباع داخلَ الوكالة، وذلك في مقابل القرض الحسن الذي سأُقرضه إلى شريكي في الوكالة، يتم تحديد هذه النسبة بالتشاور مع شريكي سنويًّا؛ فعلى سبيل المثال ستكون 500 دولار على كل سيارة مباعة في عام 2015، بغض النظر عن قيمة الربح التي يحصل عليها شريكي ببيع السيارة، حيث نقوم بتثبيت هذه النسبة في بداية كل عام بناءً على نسب الأرباح في العام السابق.
يا فضيلة الشيخ، كل ما أسعى إليه هو الحصول على مقابل رأس المال الذي سأتركه لشريكي كقرض حسنٍ، وألا أكون شريكًا في ملكية الوكالة التجارية وغير مسئول شرعًا عن عملية البيع داخل الوكالة.
ولذا أرجو من فضيلتكم إيفادَنا برأيكم الشرعي بشأن هذا الاقتراح. وجزاكم الله خيرًا على ما تقدموه للإسلام والمسلمين، وجعلكم ذخرًا للأمة.
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه؛ أما بعد:
فمرة أخرى أُجدِّد شكري لحرصكم على تحرِّي الحلال والحرام، وتقديري لرغبتكم الكريمة في الوفاء بعهد الله عز وجل والوقوف عند أمر الله ونهيه في زمن قلَّ فيه مثل هذا الحرص، وسيطرت المطامع والأهواء على كثير من المستثمرين.
لا يصلح أن يقال: ((إنني أسعى من خلال هذا الحل إلى الحصول على نسبة ربح ثابتة من كل سيارة تُباع داخل الوكالة، وذلك في مقابل القرض الحسن الذي سأقرضه إلى شريكي في الوكالة))؛ لأن القرض لا يكون حسنًا إلا إذا لم يُشترط فيه نفعٌ، ولم يكن له مقابل إلا ابتغاء المثوبة من الله عز وجل، والأصل أن كل قرض جرَّ نفعًا فهو باطلٌ ومحرم، ولا تعرف الشريعة ما يسمى بالقروض الاستثمارية، فهذه ثقافة ربوية رأسمالية.
ولكن لعلَّ هذا خطأ في التعبير، فأنت تبحث عن صيغة استثمارية تكفل لك تحقيق هذه الغاية، في إطار ما يُرضي الله عز وجل، فأرجو أن تضرب الذِّكر صفحًا عن قضية القرض، وأن تنساها بالكلية بارك الله فيك؛ لأنك مستثمر ولست بمُقرِض، فنحن على الجملة في مشروع استثماري، ولسنا في مؤسسة خدمية غيرِ ربحية، ودعنا نفكر معك في البديل المشروع إن شاء الله.
الذي فهمته من رسالتك أنك تريد أن تجعل العلاقة مع شريكك علاقةً إيجاريةً، تؤجر له المقرَّ مقابل مبلغ من المال، وهذه علاقة إيجارية لا غبار عليها، وأن تدخله شريكًا فيما تملكه أو تشتريه من سيارات على أن يعدك بشرائها منك مقابل مبلغ معين تتفقان عليه، وهو مبلغ قابل للتجديد والمراجعة في كل عام، فتكون شركةَ مِلكٍ لا شركةَ عقد، وتنقل المسئولية الشرعية إلى عاتقه فيكون هو المسئول ديانةً عن قضايا التمويل التي يَحِيك في صدرك منها ما يحيك.
وعندَ التأمُّل لا نجد أن هناك شركةً بينكما إلا على سبيل التجوُّز في التعبير، وإنما هو بيع بالأجل، أو وكالة مقابل عمولة.
فإن كنا أمامَ بيع بالأجل فقد انتقلت المسئولية بالكامل عن السيارات إلى هذا الشريك غُرمًا وغُنمًا وضمانًا، وثبت لك في ذمته مبلغٌ من المال، هو قيمة هذه السيارات.
أما إن كُنَّا أمامَ وكالة مقابل عمولة، أي أن يبيع لك هذه السيارات، ويأخذ ربحَها، على أن يعطيك مبلغًا من المال متفقًا عليه لقاءَ كل سيارة يبيعها، فلا تزال السيارات في ملكك وفي ضمانك، فإذا لم يبع فلا شيء لك، وإذا تلفت السيارات أو أصيب بعضُها بعطل فضمانها عليك؛ لأن يدَه عليها يدُ أمانة، وليست يدَ ضمان، فلا يضمن إلا بالتفريط أو التعدي، فأي هاتين الصيغتين تريد بارك الله فيكم؟!
أرجو مزيدًا من التوضيح حتى نرسم لك صورة نهائية لهذه المعاملة. بارك الله فيكم. والله تعالى أعلى وأعلم.
بيع السيارات بتسهيلات من البنوك للعملاء(2)
تاريخ النشر : 07 أكتوبر, 2025
التصنيفات الموضوعية: 02 الربا والصرف, 06 قضايا فقهية معاصرة
فتاوى ذات صلة:
