زكاة الفطر عن الزوجة الغنية

هل يجب على الزوج أن يُخرج الزكاة عن زوجته الغنية؟
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه؛ أما بعد:
فقد اتفق أهل العلم على أنه يجب على المكلَّف أن يُخرج زكاةَ الفطر عن نفسه، واختلفوا في وجوبها عمن تلزمهم نفقته:
فذهب الحنابلة(1) إلى وجوب ذلك، واستدلوا: بما رواه الدارقطني والبيهقي عن ابن عمر رضي الله عنهما: أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال: «أدوا صدقة الفطر عمن تمونون»(2)، وفي إسناده ضعف، فقد ضعفه الدارقطني والبيهقي وابن العربي والذهبي والنووي وابن حجر وغيرهم.
وقد اختار هذا القول علماء اللجنة الدائمة للإفتاء، فقد سئلوا: هل يلزم الزوج فطرة الزوجة التي بينه وبينها نزاع شديد أم لا؟
فأجابوا: «زكاة الفطر تلزم الإنسان عن نفسه وعن كل من تجب عليه نفقته ومنهم الزوجة، لوجوب نفقتها عليه»(3). انتهى.
واختاره أيضًا الشيخ ابن باز رحمه الله، كما جاء في «مجموع الفتاوى» ( 14/197).
وخالف في ذلك الأحناف(4) فقالوا أنه لا يلزمه أن يُخرج زكاة الفطر عن غيره.
واستدلوا بحديث ابن عمر رضي الله عنهما قال: فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاةَ الفطر صاعًا من تمرٍ أو صاعًا من شعيرٍ، على العبد والحر والذكر والأنثى والصغير والكبير من المسلمين(5).
ففي الحديث: أنها واجبة على كل واحد من المسلمين، والأصل: أن الذي يُخاطب بالواجب هو الشخص نفسه.
وقد اختار هذا القول الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في «الشرح الممتع»: ((فالصحيح أن زكاة الفطر واجبةٌ على الإنسان بنفسه، فتجبُ على الزوجة بنفسها، وعلى الأب بنفسه، وعلى الابنة بنفسها، ولا تجب على الشخص عمن ينفق عليه من زوجة وأقارب، ولأن الأصل في الفرض أنه يجب على كل واحد بعينه دون غيره))(6). انتهى بتصرف.
والمسألة في مواضع الاجتهاد، وعلى الرجل إن أراد أن يأخذ بقول الأحناف أن يتأكد من إخراج أهله الزكاة، فإن لم يقوموا بإخراجها حملهم على ذلك، أو تولى هو إخراجها عنهم، بمقتضى قوامته عليهم ورعايته لهم، ومسئوليته عنهم. والله تعالى أعلى وأعلم.

______________________
(1) جاء في «الروض المربع» (ص213): « (فيخرج) زكاة الفطر (عن نفسه) لما تقدم (و) عن (مسلم يمونه) من الزوجات والأقارب وخادم زوجته إن لزمته مؤونته وزوجة عبده الحرة وقريبه الذي يلزمه إعفافه لعموم قوله – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «أدوا الفطر عمن تمونون» ولا تلزمه فطرة من يمونه من الكفار».
(2) أخرجه الدارقطني في «سننه» (2/140) حديث (11)، والبيهقي في «الكبرى» (4/161) حديث (7471).
(3) فتاوى اللجنة الدائمة للإفتاء ( 9 / 367).
(4) جاء في «بدائع الصنائع» (2/72): « وأما الكبار العقلاء فلا يخرج عنهم عندنا وإن كانوا في عياله بأن كانوا فقراء زمنى».
(5) متفق عليه؛ أخرجه البخاري في كتاب «الزكاة» باب «فرض صدقة الفطر» حديث (1503)، ومسلم في كتاب «الزكاة» باب «زكاة الفطر على المسلمين من التمر والشعير» حديث (984).
(6) «الشرح الممتع» (6/154).

تاريخ النشر : 06 أكتوبر, 2025
التصنيفات الموضوعية:   04 الزكاة
التصنيفات الفقهية:  

فتاوى ذات صلة:

Send this to a friend