حول تارك الصلاة عمدًا، حكمه، وكيفية نصحه والتعامل معه؟

ما حكم تارك الصلاة متعمدًا لا لإنكار؟ وكيف نتعامل مع هؤلاء الناس؛ هل نحكمه بكذا وكذا أو ننصحه بالحكمة, شكرًا مقدمًا على إجابتكم.
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه؛ أما بعد:
فإن ترك الصلاة من أكبر الكبائر بعد الشرك بالله عز وجل، وقد صحَّ قوله صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ بَيْنَ الرَّجُلِ وَبَيْنَ الْكُفْرِ وَالشِّرْكِ تَرْكَ الصَّلَاةِ»(1). وقوله صلى الله عليه وسلم: «الْعَهْدُ الَّذِي بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمُ الصَّلاةُ، فَمَنْ تَرَكَهَا فَقَدْ كَفَرَ»(2). وقال عمر رضي الله عنه: ( لاحظ في الإسلام لمن ترك الصلاة ). رواه مالك والبيهقي في الكبرى وغيرهم بإسناد صحيح.
وقد حمل الجمهور هذه النصوص على المستحِلِّ لتركها، وحملها غيرهم على ظاهرها من الكفر بمُجرَّد الترك، وفرق بعض أهل العلم بين الترك المطلق ومطلق الترك، فكفر من لم يصل قط، وجعل من يصلي حينا ويترك حينا من اهل الوعيد في خطر المشيئة، وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية وتابعه عليه الشيخ ابن عثيمين رحمه الله حيث قال وقد سئل عمن يصلي في رمضان ويترك الصلاة بعده (الذي يتبين لي من الأدلة أن ترك الصلاة لا يكون كفرًا إلا إذا كان تركًا مطلقًا، وأما من يصلي ويخلي، فيصلي بعض الأحيان، ويترك بعض الأحيان، الذي يبدو لي من الأدلة أنه لا يكفر بذلك؛ لقوله: “العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها – أي الصلاة – فقد كفر”، ولقوله: “بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة” ولكن هذا الرجل الذي لا يصلي، ولا يصوم إلا في رمضان أنا في شك من إيمانه؛ لأنه لو كان مؤمًنا حقًّا لكان يصلي في رمضان، وفي غيره، أما كونه لا يعرف ربه إلا في رمضان، فأنا أشك في إيمانه، لكني لا أحكم بكفره، بل أتوقف فيه، وأمره إلى الله عز وجل. انتهى.
وأيًّا كان الخلاف فتركُ الصلاة بالكلية جريمةٌ لا تعدِلُها جريمة، وصاحبها مجازِفٌ بدينه كله، وعلى شفا هلكة ما لم تتداركه رحمةُ من الله عز وجل، ويقلع عن هذه الجريمة النكراء.
ولا نملك مع العصاة إلا الترهيبَ والترغيبَ، والوعظَ والزجرَ، والدعاء لهم بالهداية. والله تعالى أعلى وأعلم.

_________________
(1) أخرجه مسلم في كتاب «الإيمان» باب «بيان إطلاق اسم الكفر على من ترك الصلاة» حديث (82) من حديث جابر رضي الله عنه.
(2) أخرجه أحمد في «مسنده» (5/ 346) حديث (22987)، والترمذي في كتاب «الإيمان» باب «ما جاء في ترك الصلاة» حديث (2621)، والنسائي في كتاب «الصلاة» باب «الحكم في تارك الصلاة» حديث (463)، وابن ماجه في كتاب «إقامة الصلاة والسنة فيها» باب «ما جاء فيمن ترك الصلاة» حديث (1079)، والحاكم في «مستدركه» (1/ 48) حديث (11). من حديث بريدة بن الحصيب رضي الله عنه، وقال الترمذي: «حديث حسن صحيح»، وقال الحاكم: «حديث صحيح الإسناد لا تعرف له علة بوجه من الوجوه فقد احتجا جميعًا بعبد الله بن بريدة عن أبيه واحتج مسلم بالحسين بن واقد ولم يخرجاه بهذا اللفظ، ولهذا الحديث شاهد صحيح على شرطهما جميعًا»، وصححه الألباني في «مشكاة المصابيح» حديث (574).

تاريخ النشر : 29 سبتمبر, 2025
التصنيفات الموضوعية:   02 الصلاة, 09 نواقض الإيمان.

فتاوى ذات صلة:

Send this to a friend