أنا متزوجة من رجلٍ طيب وأحسبه على خيرٍ، ولكن هناك مشكلة عندي معه في أن إيقاظه للصلاة أو المواعيد. وأبذل بصدقٍ جُهدًا ووقتًا كثيرًا، وهو دائمًا متذمرٌ ويعلق مشاكله عليَّ أنا. فأخبرته أن الأمر يحتاج لرفع الإيمان والدعاء والاستجابة لمساعدته.
المهم أني في فترة الحيض أكون أضعفَ وتنبهي أضعفَ، وهو يفرض عليَّ أن أنتبه وأتيقظ لإيقاظه للفجر، بل ويتهمني بالكبر واتباع الهوى، فذكرت له أن من قوامة الرجل أن يُوقظ أهل بيته للصلاة وليس العكس. أنا محبطة وأحتاج من يساعدني على تقوية إيماني الضعيف.
أنا مقتنعة أن فرضه أولى من التنَفُّل، لكني فعلًا تعبت، وأحاول بصدق يا شيخ أن أتجرَّد من الهوى وأريد مرضاة ربي. ولكن الله رفع عني الصلاةَ. أفأقوم من أجل أنه لا يستطيع الصلاة إلا أن يستيقظ قبلها بساعة، وكل فترة يقول لي: انتظري ربع ساعة، ثم عشر دقائق. وهكذا… وفي النهاية يصلي في البيت قبلَ الشروق بخمس دقائق؟!
وهل أنا آثمة في فترة حيضي؟ وهل هذه الصورة طبيعية؟ هل يفرض عليَّ أن أستيقظ خصيصا من أجل إيقاظه؟
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه؛ أما بعد:
فقد فتح الله لك يا بنيتي بابًا من العبودية نغبطك عليه، فإذا صبرت نفسك عليه وأَعَنْتِيه على براءة ذمته من الفرائض فأرجو أن يكتب الله لك مثل أجرِه بالإضافة إلى أجرِ البر والتقوى، وحُسن التبعل للزوج(1)، فإن أعظم الناس حقًّا على المرأة زوجها(2).
واضرعي إلى الله جل وعلا أن يُعينه على ذكره وشكره وحسن عبادته، وقاربي وسددي في علاقتك به، وسلي الله أن يعينك أنت على عبودية الصبر عليه، وأن يتقبلها منك بقبول حسن.
ولقد وقفتِ عند اتهامه لك بالكبر واتباع الهوى، فاجتهدي يا بنيتي في اقتلاع هذا الشعور من نفسه، وقد يصدر من بعض أهل الدين أقوالٌ وأفعال وتصرفات تشي بشيءٍ من ذلك من غير أن ينتبهوا إليها، فلا تكوني بمثل هذه التصرفات فتنةً له في دينه تصدُّه عن التدين، وتبغض إلى قلبه المتدينين. والله تعالى أعلى وأعلم.
_______________
(1) فقد أخرج البيهقي في «شعب الإيمان» (6/ 421) حديث (8743)، وابن عبد البر في «الاستيعاب» (4/ 1787 – 1788) حديث (3233) من حديث أسماء بنت يزيد رضي الله عنها: أنها أتت النبي صلى الله عليه وسلم وهو بين أصحابه فقالت: بأبي أنت وأمي، إني وافدة النساء إليك، وأعلم نفسي لك الفداء أنه ما من امرأة كائنة في شرق ولا غرب سمعت بمخرجي هذا أو لم تسمع إلا وهي على مثل رأيي، إن الله بعثك بالحق إلى الرجال والنساء، فآمنا بك وبإلهك الذي أرسلك، وإنا معشر النساء محصورات مقصورات، قواعد بيوتكم ومقضى شهواتكم وحاملات أولادكم، وإنكم معاشر الرجال فُضلتم علينا بالجُمع والجماعات، وعيادة المرضى وشهود الجنائز، والحج بعد الحج، وأفضل من ذلك الجهاد في سبيل الله، وإن الرجل منكم إذا أخرج حاجًّا أو معتمرًا ومرابطًا حفظنا لكم أموالكم وغزلنا لكم أثوابكم وربينا لكم أولادكم، فما نشارككم في الأجر يا رسول الله؟ فالتفت النبي صلى الله عليه وسلم إلى أصحابه بوجهه كله، ثم قال: «هَلْ سَمِعْتُمْ مَقَالَةَ امْرَأَةٍ قَطُّ أَحْسَنَ مِنْ مَسْأَلتِهَا فِي أَمْرِ دِينِهَا مِنْ هَذِهِ؟». فقالوا: يا رسول الله، ما ظنننا أن امرأة تهتدي إلى مثل هذا. فالتفت النبي صلى الله عليه وسلم إليها ثم قال لها: «انَصْرِفِي أَيَّتُهَا الْـمَرْأَةُ وَأَعْلِمِي مَنْ خَلْفَكِ مِنَ النِّسَاءِ أَنْ حُسْنَ تَبَعُّلِ إِحْدَاكُنَّ لِزَوْجِهَا وَطَلَبَهَا مَرْضَاتَهُ وَاتِّبَاعَهَا مُوَافَقَتَهُ تَعْدِلُ ذَلِكَ كُلَّهُ». فأدبرت المرأةُ وهي تهلل وتكبر استبشارًا.
(2) أخرجه الحاكم في «مستدركه» (4/ 193) حديث (7338) من حديث عائشة رضي الله عنها، وقال: «صحيح الإسناد ولم يخرجاه».