السؤال:
اختلطت علينا الأمور في بلاد الغربة لكثرة الفتاوي حول موضوع تهنئة الكفار وإهدائهم فيما يسمَّى عيد الكريسمس؛ فمنهم من حرَّمه قطعًا وهم الأكثر، ومنهم من أجاز ذلك بشرط أن تكون النية في التهنئة والهدية تحبيب قلبه للإسلام.
هل ترون أن مثلَ هذه الفتاوي يُعَدُّ انزلاقًا خطيرًا؛ لكون ذلك يمسُّ في العقيدة، لأن هذا عيدًا دينيًّا؟ وهم يعتقدون أن عيسى إلهٌ، وأن الدعوةَ لمثل هذا فتحَ الأبوابَ على مصاريعها أمامَ الفتنة؟
نرجو أن تقول رأيكم حول هذا؛ لكوننا نعتمد عليكم في الفتوى.
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه؛ أما بعد:
فقد ناقش هذه المسألة مجمعُ فقهاء الشريعة بأمريكا في دورته حول نوازل المرأة المسلمة خارج ديار الإسلام، وانتهى فيها إلى جملةٍ من التوصيات والقرارات أسوقها لك بنصها، ومنها يعلم الجواب:
حول تهنئة غير المسلمين بأعيادهم:
الأصل هو البرُّ والقسط في التعامل مع غير المسلمين، ومن ذلك تهنئتهم في الأمور الاجتماعية المشتركة كالزواج أو قدوم المولود ونحوه، أما الأعياد الدينية فالأصلُ أنها من خصوصيات الملل والنحل، فتبقى مختصَّة بأهلها، إلا إذا اقتضتها مجاورةٌ في مسكن، أو مخالطة مهنية أو عائلية أو اجتماعية، فلا بأس من مجاملة بكلمات عامة، إذا قُصد بها الإحسانُ إليهم وتألُّفُ قلوبهم على الهدى، ولم تتضمن انتهاكًا لهذه الخصوصيات، ولم تشتمل على إقرار على عقيدة لا يتديَّن المسلم بها.
اجتماعُ الأسر المسلمة في أعياد غير المسلمين:
لا بأس باجتماع الأُسر المسلمة في أعياد غير المسلمين، إن كان ذلك استثمارًا لوقت الإجازة في التزاور وصلة الأرحام، مع التأكيد على ضرورة التميُّز وعدم المشاركة في أعياد بدعية أو شركية، فالأعياد من خصائص الأُمم وأظهر شعائر الملل، وللمسلمين عيدان سنويان، وهما الفطر والأضحى، والبر والإحسان إلى الناس لا يقتضي تقليدهم في كل ما يفعلون.
شراء المأكولات الخاصة بأعياد غير المسلمين:
يجوز شراءُ ما يُطرح في الأسواق من مأكولات في أعياد غير المسلمين، استفادةً من رُخص أسعارها، على أن يجتهد في المخالفة في أوقات طهيها وأكلها وطرق تقديمها وعرضها، حتى لا تكون ذريعةً إلى القبول التدريجي بالاحتفال بتلك الأعياد التي هي من خصائص الأمم، وأظهر شعائر الملل. والله تعالى أعلى وأعلم.