السؤال
أمي ماتت بعد جدي، وبعدها جدتي، فهل أبناء الابنة المتوفاة في حياة أمها أن يرثوا في جدتهم بالوصية الواجبة؟
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه؛ أما بعد:
فإن الوصية الواجبة موضعُ نظر بين أهل العلم؛ فهي عند الجمهور ليست بواجبةٍ، وإنما على الاستحباب بما طابت به نفوس الورثة، فقد نسخت آيات المواريث حكمَ الوجوب عن الوصايا قاطبةً، فإن القطع من الميراث الواجبِ إخراجٌ عن الوصية الواجبة، قال ابن عبد البر: «إن العلماء أجمعوا على أن الوصية غير واجبة، إلا على من عليه حقوق بغير بينة، وأمانة بغير إشهاد، إلا طائفة شذت فأوجبتها»([1]).
وعند الظاهرية وجوبها، فذهب ابن حزم ومن تابعه إلى أنه يفرض على كل مسلم أن يوصي لقرابته الذين لا يرثون، إما للرقِّ، وإما للكفر، وإما لأن هناك من يحجبهم عن الميراث، أو لأنهم لا يرثون- بما طابت به نفسه، لا حد في ذلك، فإن لم يفعل أعطوا ولابد ما رآه الورثة أو الوصي.
وبهذا أخذ قانون الأحوال الشخصية المصري، لكنه قنَّن القَدْرَ الواجب، فجعله نصيب المتوفى في حياة والده بما لا يزيد على الثلُث، حيث نص على أنه «إذا لم يوصِ الميت لفرع ولده الذي مات في حياته أو مات معه ولو حُكمًا، بمثل ما كان يستحقه هذا الولد ميراثًا في تركته لو كان حيًّا عند موته- وجبت للفرع في التركة وصيةٌ بقدر هذا النصيب، في حدود الثلث، بشرط أن يكون غير وارث، وألا يكون الميت قد أعطاه بغير عوض من طريق تصرف آخر قدر ما يجب له، وإن كان ما أعطاه أقل منه وجبت له وصية بقدر ما يكمله».
والقضايا الخلافية إذا صدر بها حكم حاكم فإنه حكمه يرفع الخلافَ، ويستحب للورثة تطييب ذلك للأحفاد خروجًا من الشبهة، وإبقاءً على أواصر المودة بين ذوي القربى.
وطريقة استخراجها كما يلي:
أولًا: نفترض أن الأصل الذي مات في حياة المورث موجودًا، ثم نقوم بتقسيم التركة بين الورثة جميعًا، وفيهم هذا الأصل لمعرفة نصيبه.
ثانيًا: ننظر في نصيب الأصل المفترض حيًّا؛ فإن كان في حدود ثلث التركة فذاك هو مقدار الوصية الواجبة، وإن كان أكثر من ذلك كانت الوصية هي الثلث فقط.
ثالثًا: يطرح مقدار الوصية من أصل التركة، ويُعطى لصاحبها، ويصبح الباقي بعد طرح مقدار الوصية تركةً جديدة توزع على الورثة الموجودين عند وفاة المورِّث.
رابعًا: يوزع الباقي بعد الوصية الواجبة على الورثة الموجودين بتوزيع جديد، من غير نظر إلى الولد- أصل الفرع- الذي فرض حيًّا. والله تعالى أعلى وأعلم.