حول وقت صلاة الفجر وتنازع الناس واختلاف التقاويم هل من نصيحة جامعة؟
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه؛ أما بعد:
فإن وقت صلاة الفجر أو الصبح من طلوع الفجر الصادق: وهو البياض المعترض في الأفق يمينًا ويسارًا، ويمتد الوقت إلى طلوع الشمس.
وقد اختلف العلماء هل يبدأ وقت الصلاة عند بزوغ أول إضاءة للفجر الصادق وهو ما يسمى بـ (الغَلَس)؟ أو أنه يحين عند انتشار إضاءة الفجر وهو ما يسمى بـ (الإسفار)؟ وتلك مسألة اجتهادية.
وأما الفجر الأول فهو الفجر الكاذب، وهو البياض المستطيل في السماء من أعلى الأفق إلى أسفل كالعمود، ويقع قبل الفجر الصادق بنحو عشرين دقيقة، تزيد وتنقص باختلاف فصُول السنة، ومعلوم أن الأحكام تترتب على وجود الفجر الصادق لا الكاذب.
وقد جاء في بيان الفجرين أحاديثُ كثيرة، منها: قوله صلى الله عليه وسلم: «الْفَجْرُ فَجْرَانِ، فَجْرٌ يَحْرُمُ فِيهِ الطَّعَامُ، وَتَحِلُّ فِيهِ الصَّلَاةُ، وَفَجْرٌ تَحْرُمُ فِيهِ الصَّلَاةُ (أي صلاة الفجر) وَيَحِلُّ فِيهِ الطَّعَامُ». رواه الحاكم والبيهقي من حديث ابن عباس، وصححه الألباني في «صحيح الجامع» (4279)([1]).
وقوله صلى الله عليه وسلم: «الْفَجْرُ فَجْرَانِ: فَأَمَّا الْفَجْرُ الَّذِي يَكُونُ كَذَنَبِ السِّرْحَانِ([2]) فَلَا يُحِلُّ الصَّلَاةَ وَلَا يُحَرِّمُ الطَّعَامَ، وَأَمَّا الْفَجْرُ الَّذِي يَذْهَبُ مُسْتَطِيلًا فِي الْأُفُقِ فَإِنَّهُ يُحِلُّ الصَّلَاةَ وَيُحَرِّمُ الطَّعَامَ». رواه الحاكم والبيهقي من حديث جابر، وصححه الألباني في صحيح الجامع 4278([3]).
وقوله صلى الله عليه وسلم: «لَا يَمْنَعَنَّكُمْ مِنْ سُحُورِكُمْ أَذَانُ بِلَالٍ وَلَا الْفَجْرُ الْـمُسْتَطِيلُ وَلَكِنْ الْفَجْرُ الْـمُسْتَطِيرُ فِي الْأُفُقِ»([4]).
هذا وإن أبرز التقاويم التي يعتمد عليها الناس الآن:
1 ــ تقويم أم القرى وزاوية الشمس تحت الأفق عند الفجر 18.5 درجة.
2 ـ تقويم رابطة العالم الإسلامي وزاوية الشمس تحت الأفق عند الفجر 18 درجة.
3 ـ تقويم جامعة العلوم الإسلامية بكراتشي باكستان، وزاوية الشمس تحت الأفق عند الفجر 18 درجة.
4 ـ تقويم الهيئة العامة المصرية للمساحة وزاوية الشمس تحت الأفق عند الفجر 19,5 درجة.
5 ـ تقويم الاتحاد الإسلامي بأمريكا الشمالية Islamic Society of North America- ISNA المعروف اختصارًا بـــ (إسنا) ISNA وزاوية الشمس تحت الأفق عند الفجر 15 درجة.
وفيما عدا تقويم (إسنا) فقد وضعت هذه التقاويم جميعًا على أساس الشفق الفلكي، والشفق الفلكي هو الفجرُ الكاذب وليس الفجر الصادق، وقد لاحظ الشيخان ابنُ عثيمين والألباني هذه المسألة ونبَّهَا على ضرورة تأخير صلاة الفجر بنحوٍ من عشرين دقيقة إلى خمس وعشرين دقيقة عن التوقيتات الـمُعلنة في التقاويم الفلكية، استبراءً للدين، والتماسًا لصحَّة العبادة، واستبراءً للذمة.
والخلاصة أن الاعتماد على
تقويم (إسنا) هو الأضبط، فمن صلى على هذا التقويم فلا حرج، ولا يلزمه التأخيرُ.
أما من صلى على غير ذلك فينبغي تأخير صلاة الفجر بنحوٍ من عشرين دقيقة إلى خمس
وعشرين، لإجماع العلماء على اشتراط دخول الوقت لصحَّة الصلاة، وأن من صلى قبل دخول
الوقت فصلاته باطلة. والله تعالى أعلى وأعلم.
([1]) أخرجه الحاكم في «مستدركه» (1/304) حديث (687)، والبيهقي في «الكبرى» (1/457) حديث (1990)، وقال الحاكم: «هذا حديث صحيح على شرط الشيخين».
([2]) السِّرحان: الذئب. و ذنب السرحان: الفجر الكاذب. «المعجم الوسيط» (سرح).
([3]) أخرجه الحاكم في «مستدركه» (1/304) حديث (688)، والبيهقي في «الكبرى» (1/377) حديث (1642) من حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما، وقال البيهقي: «هكذا روي بهذا الإسناد موصولًا وروي مرسلًا وهو أصحُّ»، وذكره الألباني في «السلسلة الصحيحة» (2002).
([4]) أخرجه الترمذي في كتاب «الصوم» باب «ما جاء في بيان الفجر» حديث (706) من حديث سمرة بن جندب رضي الله عنه، وقال الترمذي: «هذا حديث حسن».