حدث لي شيء كنت لا أعلم هل من المفروض أن أسال فيه وكنت مترددًا ومحرجًا؛ حيث كنت أظن أنني الوحيد المريض بهذا، ولكني وجدت فتوى شبيهة كثيرًا لما حدث لي، فتشجَّعْتُ وقررت أن أستفتي حضرتك؛ حيث إنني كثيرًا ما أجد شيئًا يضغط عليَّ كي أحلف بالطلاق على أي شيء ولو بسيطًا وليس له معنى، ولكني أقاوم ذلك بشدة ولا أحلف هذا اليمين أبدًا ولله الحمد، ولكن رغم ذلك أخشى أن أفعل ذلك الشيء خشية وتوهمًا مني أنني ربما أكون قد حلفت، وذلك على الرغم من تيقني أنني لم أحلف كما أتيقن من اسمي.
وهذا ما حدث لي، فقد كنت أمسك الجوال وأريد أن أكلم زوجتي، وكنت أستغفر الله حين ذاك، فجاءني توهُّم وتشكُّك أنني ربما حلفت ألَّا أكلمها إلا بعد أن أنتهي من العدد الذي حددته من الاستغفار، ورغم تيقني أنني لم أحلف بتاتًا، إلا أنني قررت أن أتصل بعد الانتهاء من الاستغفار، وأثناء الاستغفار أردت أن أفعل شيئًا آخر في الجوال غير الاتصال بزوجتي، فترددت في ذلك، ثم شعرت أن هناك احتمالًا بسيطًا أن أكون قلت هذه الجملة: «أنا قلت على الاتصال فقط». بمعنى أنني عندما توهَّمْت بالحلف، كان هذا التوهم متعلقًا بالاتصال بزوجتي فقط، وليس أي شيء آخر، وبالتالي فعلْتُ ما أريد أن أفعله في الهاتف، ثم بعد أن انتهيت من العدد الذي حددته للاستغفار اتصلت بزوجتي، فهل إذا كنْتُ قلت هذه الجملة: «أنا قلت على الاتصال فقط» هل يُعتبر ذلك يمينًا جديدًا أو تأكيدًا على التوهمات الأولى؟ وهل إذا كان يمينًا فأنا اتصلت بزوجتي بعد أن انتهيت من الاستغفار بالفعل، بمعنى أنني استجبت لهذه التوهمات التي حدثَتْ معي في البداية كما استجبت لهذه الجملة «أنا قلت على الاتصال فقط». فهل يترتب على ذلك شيء؟ وهل ذلك الذي فعلته صحيح أم كان يجب عليَّ ألا أستجيب لهذه التوهمات وأسارع بالاتصال حينما أردت ذلك؛ حيث إنني كنت متأكدًا من أنني لم أحلف ذلك اليمين؟
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه؛ أما بعد:
فكل ما ذكرته توهمات ووساوس، لا يترتب عليها شيء، قلتها أم لم تقلها، والقواعد الذهبية في التعامل مع الوساوس والطلاق ما يلي:
لا يحاسِبُ الله على الوساوس والخطرات، ولا يقع بمثلها طلاق؛ لأن الله تعالى قد تجاوز لهذه الأمة عما حدَّثَت به نفسها، ما لم تعمل به، أو تتكلم به(1).
المبتلى بالوساوس لا يقع طلاقه، ولو صرَّحَ به، وسمعه الناس جميعًا، إلا إذا قصد إليه عن رضًا وطمأنينة؛ لأنه مستغْلَقٌ عليه طوال الوقت بسبب الوساوس، و«لَا طَلَاقَ فِي إِغْلَاقٍ»(2).
وقد نشرناهما من قبل على هذا الموقع مرارًا، فاعقلهما، ولا تستجب لدواعي الوسواس، ولا تسَلْ فيه أحدًا بعد اليوم، بل تجاهَلْه، وألْقِ به وراء ظهرك. بارك الله فيك، والله تعالى أعلى وأعلم.
—————————–
(1) سبق تخريجه.
(2) سبق تخريجه.