كنت أمشي في شوارع المدينة المنورة ورأيت فندقًا مكتوبًا عليه «حج القرعة» الخاص بالجالية المصرية، وفي اليوم التالي وأنا أمشي كنت أرى فنادق البعثات الأخرى فتذكرت كلمة «القرعة»، وقلت في نفسي: لو أن أحدًا من جنسية أخرى قرأ كلمة «القرعة» سيستغربها. وبعدها بدقائق نظرت إلى الفندق الخاص بالبعثة المغربية وقرأته، وأثناء ذلك تذكرت أيضًا الفندق الخاص بالبعثة المصرية، ثم شرد ذهني، وأثناء ذلك وجدت نفسي أقول: «حج الأرعة»، ولكني والله العظيم لم أكن أقصد أن أسخر من فريضة الحج أبدًا، ولكني كنت في حالة شرود ذهني، وكنت أسخر من كلمة «القرعة». فأنا ﻻ أتجرَّأ والله على أن أسخر من أي شعيرة أو فريضة، فأنا أخشى بشدة الكلمات التي من الممكن أن تُوقع الشخص في كُفر والعياذ بالله، ولكني كنت في حالة شرود ذهني، ولم أقصد أيَّ سخرية من هذه الشعيرة العظيمة والعياذ بالله. فهل تعتبر هذه الكلمة كلمة «كفر»؟
حيث إنني جالس الآن في حالة خوف واكتئاب شديد بعد أن كانت معنوياتي مرتفعة جدًّا بعد زيارة الحرم المدني والصلاة فيه، وإن كان كذلك ما الذي يترتب على ذلك؟ وما الذي يجب عليَّ فعله؟ بمعنى أنه لو كانت هذه الكلمة «حج الأرعة» كلمة كفر ما الذي يترتب على ذلك؟
وبسبب الوسواس الذي أعاني منه في أمور الطلاق أول شيء فكرت فيه بعد أن كتبت هذا السؤال هو مدى تأثير ذلك على عقد الزوجية؟ وجدت نفسي أقول في نفسي هذه الكلمة «تطلُقُ زوجتي» وﻻ أعلم هل نطقتها بصوت مسموع أو حركت بها لساني أم لا، وكنت أقولها بصيغة إجابة على السؤال، ولم أكن أقصد أبدًا إنشاء طلاق، بمعنى أنه إذا كانت هذه الكلمة كلمة كفر بالفعل ربما يؤدي ذلك إلى الطلاق. فهل يترتب على هذه الكلمة بالفعل «تطلق زوجتي» إذا كنت قلتها كصيغة إجابة متوقعة على السؤال الذي كتبته في آخر الرسالة السابقة، أنا أعرف يا دكتور أن حديث النفس ﻻ يُحاسب الشخصُ عليه، كما أخبرتني حضرتك من قبل أن الشكَّ ﻻ يزيل اليقين، ولكني الآن أموت من الوسواس هل نطقتها أم لا، لذلك أريد أن تجيبني حضرتك ما الذي يحدث إذا كنت قد نطقت هذه الكلمة «تطلق زوجتي» كصيغة إجابة متوقعة على هذا السؤال والمتعلق بالكلمة التي أخشى أن تكون كلمة كفر، مع العلم أنني لم أكن أقصد إنشاء الطلاق أبدًا والله؟
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه؛ أما بعد:
فما جرى على لسانك من الكلمات عفوًا بغير قصد فهو لغوٌ؛ لأن الله جل وعلا لا يحاسب على لفظ إلا إذا تواطأ عليه القلبُ واللسان، فما كان من جنس حديث النفس لا يُحاسب الله عليه، وما جرى على اللسان عفوًا بغير قصد لا يُحاسب الله عليه، وما تواطأ عليه القلب واللسان هو الذي يدخل في دائرة المحاسبة، فما دمت تؤكد أن هذه الكلمة جرت على لسانك في حالة ذهول، ولم تقصد بها قطُّ الاستهزاء بشعيرة الحج، فهي في محل العفو إن شاء الله، فلا تأثير لها لا على إيمانك، ولا على العلاقة الزوجية بينك وبين امرأتك.
ومثل ذلك يقال في كلمة »تطلق زوجتي» فأنت لم تكن في مقام إنشاء الطلاق، وإنما كنت في مقام التفكير في أثر هذه الكلمة لو كانت كفرًا على علاقتك الزوجية، فكأنك قلت: لو كانت هذه الكلمة كفرًا فسوف تكون نتيجتها أن زوجتي ستطلق مني، باعتبار أن الردَّة من أسباب فسخِ الزواج، ومثل هذا لا تطلق به المرأة ولو كنت قُلته صريحًا فصيحًا وأنت في كامل وَعْيِك.
ووصيتي ألا تستغرق مع هذه الوساوس حتى لا تُفسد عليك دينك ودنياك. والله تعالى أعلى وأعلم.