بالله عليك يا شيخ، اقرأ رسالتي؛ حيث إنني راسلت حضرتك من قبل وكان الشفاء بسبب فضيلتكم بعد الله، ولكن اليوم حدث لي شيء عجيب، جعلني أوقع نفسي في وسواس شديد، وأرجو من فضيلتكم أن تُفتيني، حتى لا أظل مستغرقًا أكثر من ذلك في هذه الوساوس ولا أدخل في بحورها مرة أخرى.
أنا عندي وسواس قهري شديد في أمور الطلاق، ومنذ فترة راسلت حضرتك بخصوصه، وكان يتمثل في أنني عندما أردد إحدى كلمات الأغاني التي تتحدث عن الفراق، كان يأتيني وسواس شديد وأفكار كانت تتعبني جدًّا، وقد أفتيتني أن هذه وساوس ولا يترتب عليها شيء، ونصحتني بأن أترك هذه الأغاني وألا أسمعها مرة أخرى، وقد فعلت والحمد لله وامتنعت عن سماع هذه الأغاني نهائيًّا.
ولكن اليوم كنت أفكر في شيء بعيد نهائيًّا عن الأغاني، فقد كنت أفكر في أمر سياسي، وهذا الأمر عن حركة «تمرد» التي أغرقت البلد فيما نحن فيه الآن، وهذا الاسم «تمرد»، جعلني أتذكر أن هناك أغنية تحمل هذا الاسم، فوجدت شيئًا يُلح عليَّ أن أتذكر كلمات هذه الأغنية حتى أعلم هل تحتوي على كلمات الفراق أم لا، وحتى أعلم هل إذا ما قالها أحد هل يقع بسببها شيء أم لا، وأثناء محاولتي تذكرها شعرت أنني ربما رددت كلماتها وهي «هتمرد على الوضع الحالي، ولا يمكن هرجعلك تاني» وما أن مرت هذه الكلمات على عقلي حتى شعرت أن أفكار الطلاق هاجمتني، وجاءت زوجتي إلى تفكيري، وربما تم استحضار هذه النية المتعلقة بالطلاق حتى أعلم هل يقع بسببها شيء أم لا، ثم وأنا أكتب هذه الجملة منها بالتحديد في الرسالة كنت مترددًا جدًّا وخائفًا، فظللت أقول وقت كتابتها بصوتٍ عالٍ: «استحالة والله» على أساس أنني من المستحيل أن أترك زوجتي، فجاءني وسواس جديد بأن هذه الكلمة «استحالة والله» ربما معناها أنني من المستحيل أن أرجع لزوجتي مرة أخرى، على الرغم من أنني أساسًا لم أترك زوجتي، ولا أريد أن أتركها من الأساس، حتى أرجع لها.
ثم بسبب التفكير في هذه الجملة «استحالة والله أرجع إلى زوجتي» الذي ظل الوسواس يطاردني فيها، شعرت أنني ربما رددتها مرة أخرى:
1 – فهل عندما تذكرت كلمات هذه الأغنية «هتمرد على الوضع الحالي، ولا يمكن هرجعلك تاني» وشعرت أنني رددتها ثم شعرت أن أفكار الطلاق هاجمتني، وجاءت زوجتي إلى تفكيري، وربما تمَّ استحضارُ هذه النية المتعلقة بالطلاق حتى أعلم هل يقع بسببها شيء أم لا، يترتب عليه شيء؟
2 – هل ما حدث لي عندما كتبت هذه الكلمات في الرسالة «كنت مترددًا جدًّا وخائفًا، فظللت أقول وقت كتابتها بصوت عالٍ (استحالة والله) على أساس أنني من المستحيل أن أترك زوجتي، فجاءني وسواس جديد بأن هذه الكلمة (استحالة والله) ربما معناها أنني من المستحيل أن أرجع لزوجتي مرة أخرى، على الرغم من أنني أساسًا لم أترك زوجتي، ولا أريد أن أتركها من الأساس حتى أرجع لها». يترتب عليه شيء؟
3 – وهل ما حدث عندما ظللت أفكر في هذه الجملة «استحالة والله أرجع إلى زوجتي» والتي أصابتني بوسواس جديد من حيث لا أحتسب، فشعرت أنني من كثرة التفكير فيها أنني ربما نطقتها دون أن أشعر، يترتب عليه شيء؟ وذلك على الرغم والله من أنني لم أترك زوجتي ولا أريد أن أتركها، ولا توجد بيننا أي مشكلات من الأساس.
4 – آخر شيء عندما كتبت هذه الجملة: «ولكن اليوم حدث لي شيء عجيب، جعلني أوقع نفسي في… إلخ». هاجمتني أيضًا أفكار الطلاق مرة أخرى عندما قلت هذه الكلمة «أوقع نفسي». ولكن ما يحدث لي أنه كلما يهاجمني وسواس أظل أستغرق فيه فيتبعه مجموعة من الوساوس.
وأنا والله عندما يحدث لي هذا أشعر بأنني إنسان غير طبيعي، وأشعر فعلًا أن مخي أغلق عليه، وأنني عاجز عن التفكير في شيء سوى الوسواس، وعندما أفكر في أي كلمة أو ربما أنطقها بدافع الوسواس، يصيبني وسواس جديد، وأظل أدور في حلقة مفرغة.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه؛ أما بعد:
فكل هذه الوساس لا يترب عليها شيء، اللهم إلا تضييع وقت المفتي في مسألة مكرورة معادة، وجواب مكرور معاد، نشرناه من قبل عشرات المرات، ثم حظرنا النشر في هذه القضايا حتى لا تنتقل عدوى الوسوسة إلى الآخرين.
ولا أدري كيف تهوي الوساوس برجل مثقف مثلك إلى مثل هذه الدركة؟! بل لا أدري كيف تلقي الوساوس برجل متدين مثلك في هذه المتاهات البعيدة والشعاب المهلكة من سوء الظن بالله عز وجل!
ألا تحسن الظن بربك وبشريعته؟! كيف سولت لك نفسك أن تظن بربك أنه يفرق بين الأزواج بمثل هذ التوهمات المرضية والوساوس القهرية؟! وهو أرحم بهم من آبائهم ومن أمهاتهم؟! اللهم غفرًا. والله تعالى أعلى وأعلم.