كيف حالك أسال الله أن تكون في أتمِّ صحة وأحسن حالٍ، سمعت عن فضيلتكم الكثيرَ وعن علمكم، أسأل الله لك أن ينفع بعلمك المسلمين شيخنا الفاضل.
أردت أن أسال عن حكم قبولي للعمل ببنك ربوي في دولة قطر؟
حيث إنني بدأت في العمل في دولة قطر منذ عام 2008 وحتى الآن في أرشيف جريدة رسمية تسمي جريدة الراية، ويعلم الله أنني لم أستفد خلال هذه السنوات من الخبرة إلا القليل؛ حيث إن عملي داخل القسم مجرَّد تخزين الصور اليومية للعدد اليومي، ويعلم الله مدى حرصي على تغيير مجالي أكثر من مرة عن طريق السعي المستمر لإيجاد عمل آخر، سواء الذهاب إلى مقارِّ الشركات والهيئات والمؤسسات والجمعيات الخيرية ولكن دون جدوى، إلى أن أصبح سني 35 عامًا.
والآن كل ما وجدت فرصة عمل أجد المسئول يقول لي: ما سنة تخرُّجك؟ أو ما عمرك وما خبراتك؟ وعندما أخبره يُعرض عن قبولي؛ لأني- كما ذكرت- لا أملك أي خبرات، أنا خريج مكتبات ومعلومات جامعة أكتوبر 2005، وتعبت في البحث عن مجال المكتبات، لغتي الإنجليزية ليست قويةً وللأسف الدوام اليومي لعملي من الخامسة مساء وحتى الواحدة بعد منتصف الليل، وليست هناك أي بدلات جيدة أو مميزات.
والآن جاءني من ضمن العروض عرضٌ للعمل ببنك ربوي، ولا أعرف ما رأي فضيلتكم؟ وهل قبولي للعمل بهذا البنك الربوي بنية أخذ الخبرة الكافية للانتقال بعد ذلك لبنك إسلامي يجوز؟
وجزاكم الله خيرًا أتمني من فضيلتك الرد علي، يسر الله لك شيخنا.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه؛ أما بعد:
فإن العمل في المصارف الربوية في قطاع الخدمات المصرفية بعيدًا عن عمليات الائتمان- له حظٌّ من النظر عند بعض أهل العلم.
والسلامة أن يعافيك الله من العمل في المصارف الربوية بالكلية، فقد جاء في قرار مجمع فقهاء الشريعة بأمريكا في دورة انعقاد مؤتمره الخامس بالبحرين، تحت عنوان: ما يحلُّ ويحرم من المهن والأعمال والوظائف حول هذه القضية- ما يلي:
العمل في المصارف الربوية:
• الأصل في العمل في المصارف الربوية أنه غيرُ مشروع؛ للعنِ النبي صلى الله عليه وسلم آكلَ الربا وموكله وكاتبه وشاهديه, وقوله: «وَهُمْ سَوَاءٌ»(1). مع اعتبار الضرورات، على أن تُقدَّر بقدرها ويُسعى في إزالتها.
• وقد رخَّصت المجامعُ الفقهية لمن لم يجد عملًا مباحًا، أن يعمل في الأماكن التي يختلط فيها الحلال والحرام, بشرط ألا يباشر بنفسه فعلَ المحرم, وأن يبذل جهده في البحث عن عمل آخر خالٍ من الشبهات, والمجمع لا يرى ما يمنع من تطبيق هذا الحكم على العمل في المصارف الربوية، فيرخص في العمل في المجالات التي لا تتعلق بمباشرة الربا كتابةً أو إشهادًا أو إعانةً مباشرة أو مقصودة على شيء من ذلك.
فإن لم يُتَح لك بديل آخر، وكانت نيتك منعقدة على اكتساب الخبرة فقط تمهيدًا للتحوُّل إلى مصرف إسلامي، وكنت صادقًا مع نفسك في هذا، واجتهدت في تجنُّب العمل في قطاع الائتمان- فأرجو أن تكون في دائرة الرخصة. والله تعالى أعلى وأعلم.
————————–
(1) أخرجه مسلم في كتاب «المساقاة» باب «لعن آكل الربا ومؤكله» حديث (1598) من حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما.