هل قول الرجل: «طالق» فقط بدون إسناد للزوجة ﻻ يقع به طلاق إﻻ بالنية؟ هل هذا الكلام صحيح؟ يا دكتور صلاح هل هذا هو رأي جمهور الأئمة أم رأي الشيخ سيد سابق.
وقرأت أيضًا أن هناك رأيًا للحنابلة يقول أن «طالق» يقع بها الطلاق من غير نية لأن تقدير المبتدأ ثابت وهو أنت. فما رأي فضيلتكم؟ وهل ما فهمته صحيحًا؟ وأيهما أرجح؟ وشكرًا لفضيلتكم.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه؛ أما بعد:
فإن قول الرجل: «طالق» بدون إسناد للزوجة موضعُ خلاف بين أهل العلم: فمنهم من اعتبرهَا من قبيل الكنايات التي لا يقع بها طلاقٌ إلا مع النية؛ فإن تجرَّدت عن الإسناد ونية الطلاق فلا يقع بها الطلاق، وممن قال بذلك الشافعية، فقد قال قليوبي في «حاشيته على شرح جلال الدين المحلي»: «قوله: كطلقتك فلابد من إسناد اللفظ للمخاطب أو عينه أو ما يقوم مقامها»(1). انتهى.
وخالف في ذلك آخرون، واعتبروها من صريح الطلاق، لأن التقدير هو: أنت طالق أو يلزمني طلاق، أو عليك طلاق مثلًا. والمقدَّر كالثابت في حُكم المسند. وممن ذهب إلى ذلك المالكية، جاء في «الشرح الصغير» للدردير المالكي متحدثًا عن صريح الطلاق: «(وطلاق) بالتنكير أي: يلزمني، أو: عليك، أو أنت طلاق، أو: عليَّ طلاق، وسواء نطق بالمبتدأ كأَنْتِ أو بالخبر كعليَّ أم لا؛ لأنه مقدر والمقدر كالثابت»(2). انتهى.
فالمسألة بطبيعتها من مسائل الاجتهاد، شأنها شأن آلاف المسائل الاجتهادية، وبالتالي فإن المفتي الذي ترفع إليه نازلةً بعينها يُفتي فيها باجتهاده، ولا حرج على المستفتي في اتباعه.
والراجح في هذه المسائل ظنيٌّ يختلف من مفتٍ إلى آخر، فإن لم تكن هذه المسألة بعينها تُمثِّل واقعًا معيشًا بالنسبة لكم، فاضربي عنها الذِّكر صفحًا حتى تقع. وأسأل الله أن لا تقع، فإذا وقعت- لا قدر الله- جاء الله فيها بفرج. والله تعالى أعلى وأعلم.
______________________
(1) «حاشيتا قليوبي وعميرة» (3/324-326).
(2) «حاشية الصاوي على الشرح الصغير» (2/559-560).