اشتدَّ بلاء الوسواس القهري في الطلاقِ عليَّ، وبسببه أصبحت أخشى أن أتكلم أي كلمة سواء مع زوجتي أو أي شخص. فعندما أتكلم مع زوجتي ويكون الحوار كلُّه وُدًّا ومحبة، عندما أهمُّ بقول أي كلمة تقفز فكرةَ الطلاق إلى ذهني.
اليوم اتصلت بي زوجتي وكنت نائمًا، فبادرتي بالسؤال: هل أنت نائم. فقلت لها: نعم نائم. فقالت: سأتركك وأكلمك عندما تصحو. فقلت لها: (ماشي يا ياسمين). وقبل أن أقول هذه الكلمة كنت أخشى أن تأتي فكرة نية الطلاق إلى ذهني، وعندما قُلتها بالفعل أتت فكرة الطلاق إلى ذهني، ولا أعلم هل هذه تعتبر نية أم ماذا؟
ولكني لا أريد أن أطلق زوجتي أبدًا، حيث إننا- والحمد لله- في قمة السعادة الزوجية، ولكن حياتي أصبحت جحيمًا بسبب ما أنا فيه، حتى وأنا أكتب هذه الرسالة لفضيلتك أحس بشيء يلحُّ عليَّ أن أنطق الكلمة الصريحة، ولكني أضغط على نفسي حتى لا أنطقها والحمد لله.
فهل يا دكتور قَوْلي هذه الكلمة (ماشي يا ياسمين) ضمن هذا الحوار الذي قلت لحضرتك أنه كان مليئًا بالحب والمودة، هل هذه الكلمة تُعتبر من كنايات الطلاق؟
وهل ما يحدث لي عندما تقفز فكرة الطلاق إلى ذهني مع أي كلمة أقولها، هل هذا يعتبر نية؟
وهل إذا جاءت هذه النية إلى ذهني غصبًا عني وأنا أتكلم هل يقع عليَّ شيء بسببها؟
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه؛ أما بعد:
فما ذكرته لا يقع بشيء منه الطلاق، فكلمة (ماشي يا ياسمين) لا يقول أحدٌ من العقلاء أنها من كنايات الطلاق. وهب جدلًا أنها من كنايات الطلاق فإن كنايات الطلاق لا يقعُ بها الطلاق إلا مع النية، وعلاقتك بزوجتك ملؤها الحب والمودة كما تقول، فأين نيَّة الطلاق؟! ولماذا الخوف إذن؟!
وقفزُ فكرة الطلاق إلى ذهنك رغمًا عنك، مع كل كلمة تقولها، لغوٌ لا قيمة له، ولا يترتب عليه أيُّ أثر، بل أقول لك: لو نطقت بالطلاق نُطقًا صريحًا، سمعه الناس جميعًا، فلا يقع عليك الطلاق، إلا إذا قصدت إليه عن رضًا وطـمأنينة؛ لأنك مستغلق عليك طوال الوقت، و«لَا طَلَاقَ فِي إِغْلَاقٍ»(1). والله تعالى أعلى وأعلم.
____________________
(1) أخرجه أحمد في «مسنده» (6/ 276) حديث (26403)، وأبو داود في كتاب «الطلاق» باب «في الطلاق على غلط» حديث (2193)، وابن ماجه في كتاب «الطلاق» باب «طلاق المكره والناسي» حديث (2046)، والحاكم في «مستدركه» (2/ 216) حديث (2802). من حديث عائشة رضي الله عنها، وقال الحاكم: «صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه»، وحسنه الألباني في «إرواء الغليل» حديث (2047).