أرجو أن يتسع صدرك لي؛ حيث إنني أعيش في قلق بالغ يصل إلى درجة العذاب بسبب ما أرويه الآن، فأرجو أن تفتيني في هذا ولكم جزيل الشكر.
أنا شاب أبلغ من العمر 29 عامًا، ومتزوج من بنت خالي منذ 7 سنوات، ورزقني الله وزوجتي ولدًا وبنتًا والحمد لله؛ ولكن أثناء فترة كتب الكتاب أي قبل الدخول افتعلت حماتي مشكلةً بيني وبين زوجتي وأصروا وقتها على الطلاق، وأنا لم أكن أرغب أبدا في الطلاق، ولكني كنت سأستجيب لهم، وقلت لهم فيما معناه: «هعمل اللي انتم عايزينه». واستمرت المشكلة لمدة أسبوعين تقريبًا، ولكن جاءت زوجتي بعدها واعتذرت لي واستمرَّ الزواج والحمد لله ولم يحدث الطلاق. وخلال فترة المشكلة حدثت لي بعضُ المواقف وتلفَّظت ببعض الألفاظ التي أرجو أن تُفتِيَني فيها حضرتك:
1. كنت أتحدث مع صديق لي في التليفون خلال فترة المشكلة وقلت له: «أنا انفصلت»، ولكني لم أكن أقصد أن أوقع الطلاقَ بهذه الكلمة، ولكني كنت أروي له ما كنت أتوقع أنه سوف يحدث بناءً على طلبهم. وهذا الموقف أنا سألت فيه شيخًا منذ أربع سنوات تقريبًا، وقال لي أن هذا اللفظ لم يُوقع الطلاقَ، ولكن يأتيني الوسواس الآن ويشككني هل أنت بالفعل سألت الشيخ أم لا؟
2. أما الموقف الثاني فكنت أتحدث مع خالي وهو عم زوجتي، وكان هو بمثابة وكيلها في هذه الفترة؛ لأنَّ أبا زوجتي كان مسافرًا خارج البلاد خلال هذه الفترة، فأثناء حديثي معه وكنت مصابًا بإحباط شديد قلت له: «عايزين نخلص الموضوع» أو «عايزين ننهي الموضوع» وما أتذكره أنني لم أكن كذلك أنوي أن أُوقع الطلاق بهذا اللفظ… حيث أنني كنت مقرر خلال هذه الفترة أنه إذا حدث طلاق سيكون عند المأذون؛ حيث إنني أتذكر أن والدتي خلال فترة المشكلة طلبت مني أن أنطقَ اللفظ الصريح للطلاق ولكني رفضت على أمل أن تُحَلَّ المشكلة.
3. أما الموقف الأخير فكانت تتحدث معي أختي خلال فترة المشكلة، وقالت لي: «إن أخت زوجتك هي من كانت تنفعك ويا ريتك كنت اتجوزتها هي». فقلت لها: «في المستقبل لو الأمور اتصلَّحت ممكن أبقى أفكر في الموضوع ده». ولم أكن أنوي الطلاق بهذا الكلام، ولكنها كانت مجرَّد حكايات وأنا كنت أتحدث باعتبار ما سوف يكون بناءً على طلبهم هم للطلاق.
وهل قراءتي لهذه الرسالة بعد كتابتها وترديد هذه الألفاظ مرةً أخرى أثناء القراءة يقع به شيء؟
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه؛ أما بعد:
فإن كنايات الطلاق يا بنيَّ لا يقع بشيء منها الطلاقُ إلا مع النية، ونية الطلاق هي العزم على الطلاق بغير تردُّد، وحيث لم تكن هناك نيةُ طلاق في كل هذه الوقائع، فلا طلاق.
وكذلك من أخبر بالطلاق كاذبًا، سواء أكان صريحًا أم كنائيًّا، فعليه إثمُ الكذب، ولا يلزمُه الطلاق في الراجح من أقوال أهل العلم.
وذكرُ الطلاق عند الحديث مع المفتي على سبيل الاستفسار، والتعرُّف على الحكم الشرعي لا يقع به الطلاقُ بطبيعة الحال، ولو كان الأمر كذلك ما سأل أحدٌ مفتيًا قطٌّ.
فهوِّن عليك يا بني، وأقبل على شأنك فاستصلحه، واتخذ لك رفقةً صالحة، تذكرك بالله عز وجل وتعينك على طاعته.
وأسأل الله لي ولكم يا بني التوفيق والسداد، والله تعالى أعلى وأعلم.