صعود المعتكف الطابق الأعلى من المسجد عبر سلم خارجه
السؤال:
أفتونا يرحمكم الله: سؤالي حول حكم صعود المعتكف الطابق الأعلى من المسجد عبر سلم خارجه،
فقد بنينا مسجدًا من ثلاثة طوابق، له باب خارجي على الشارع يؤدي إلى مدخل فيه سلم
للطوابق العليا، وباب لدخول صحن المسجد، ونريد أن نستفسر عما يلي:
1- هل هذا المدخل يأخذ حكم المسجد، فلو خرج المعتكف من صحن المسجد في الدور الأرضي وأراد أن
يصعد يكون بذلك قد خرج من المسجد؟
2- في دور النساء- الطابق الثاني- جعلنا بابًا يؤدي إلى ممر صغير وعلى يسار الممر باب لغرفة صغيرة مغلقة
مدخلها فقط هذا الباب، وفي آخر الممر الصغير باب يؤدي إلى صحن مسجد النساء؛ فإن لم نخصص هذه الغرفة الصغيرة
لصلاة النساء فيها فهل يمكن للنساء الحيض أن يمكثن فيها لسماع دروس العلم وما إلى ذلك؟
وإن كان يجوز ذلك فهل يمكن لإحداهن إن أرادت أن تدخل المسجد لتصل إلى دورة المياه يجوز ذلك؟
المسجد بالقاهرة مصر، جزاكم الله خيرًا.
الجواب:
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه؛ أما بعد:
فإن المسجد هو المكان الذي خُصِّص للصلاة، فأيما بقعة من بقاع الأرض خصصت للصلاة على سبيل الدوام
فإنها تصير مسجدًا بهذا التخصيص، وتجري عليها أحكامه،
وخروج المعتكف من صحن المسجد ليصعد إلى الدور الأعلى لا يقطع عليه اعتكافه،
ولا يعتبر خروجًا من المسجد، ما دام هذا هو السبيل إلى الصعود إلى الدور الثاني، الذي هو امتداد لهذا المسجد،
بل لو احتاج المعتكف إلى الخروج من المسجد لحاجة معتبرة فإن هذا لا يقطع اعتكافه، كما لو خرج لاغتسال واجب،
أو لقلب زوجته التي جاءت تزوره في معتكفه، أو لما لابد له منه من طعام أوشراب لم يتيسر توفيره له داخل المسجد،
ونحوه. ففي الحديث المتفق عليه؛ عن علي بن الحسين رضي الله عنهما: أن صفية زوج النبي صلى الله عليه وسلم
أخبرته أنها جاءت رسول الله صلى الله عليه وسلم تزُوره في اعتكافه في المسجد، في العشر الأواخر من رمضان،
فتحدثت عنده ساعة، ثم قامت تنقلب، فقام النبي صلى الله عليه وسلم معها يقلبها؛
حتى إذا بلغت باب المسجد عند باب أم سلمة مر رجلان من الأنصار، فسلما على رسول الله صلى الله عليه وسلم
فقال لهما النبي صلى الله عليه وسلم «عَلَى رِسْلِكُمَا إِنَّهَا صَفِيَّةُ بِنْتُ حيَيٍّ». فقالا: سبحان الله يا رسول الله!
وكبُر عليهما. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ الشَّيْطَانَ يَجْرِي مِنَ الْإِنْسَانِ مَجْرَى الدَّمِ،
وَإِنِّي خَشِيتُ أَنْ يَقْذِفَ فِي قلُوبِكُمَا»(1).
قال ابن حجر: «وفي الحديث من الفوائد جواز اشتغال المعتكف بالأمور المباحة من تشييع زائره والقيام معه
والحديث مع غيره، وإباحة خلوة المعتكف بالزوجة، وزيارة المرأة للمعتكف»(2).
والمكان الذي لم يخصص للصلاة يجوز لصاحبات الأعذار من النساء أن يمكثن فيه،
ولا حرج في مرورهن من المسجد للوصول إلى ما لابد لهن منه كقضاء الحاجة ونحوه، إذا كان يؤمَن التلويثُ؛
لقوله تعالى: { وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ} [النساء: 43]. والآية وإن كانت قد جاءت في الجنب ولم تذكر الحائض،
إلا أن الحائض تلحق بالجنب. والله تعالى أعلى وأعلم.
___________________
(1) متفق عليه أخرجه البخاري في كتاب «بدء الخلق» باب «صفة إبليس وجنوده» حديث (3281) ، ومسلم في كتاب «السلام» باب «بيان أنه يستحب لمن رئي خاليًا بامرأة وكانت زوجته أو محرمًا له أن يقول: هذه فلانة. ليدفع ظن السوء به» حديث (2175).
(2) «فتح الباري» (4/280).
يمكنكم الإطلاع على المزيد من فتاوى الصيام الخاصة بفضيلة الشيخ الدكتور صلاح الصاوي.
كما ويمكنكم متابعة كافة الدروس والمحاضرات والبرامج الخاصة بفضيلة الشيخ الدكتور صلاح الصاوي