في قول الله تعالى: {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ} [البقرة: 184]، هل يجوز إخراجها من أول الشهر كاملةً أم يومًا بيومِه؟ وما حكم إطعام نفس المسكين أكثرَ من مرة؟ وكذلك في كفارة اليمين هل يجوز إطعام المسكين عشر مرات أم لا، بدون استيعاب العدد؟ بارك الله فيكم.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه؛ أما بعد:
فإن الأمرَ في الفدية التي يدفعها العاجزُ عن الصومِ لعُذر دائمٍ واسع.
فيجوز له أن يُعجِّل دفعها من أول الشهر، ويجوز أن يدفعها آخرَه، ويجوز له أن يدفعها يومًا بيوم، والحمد لله على توسعته على عباده.
والعدد في كفارة اليمين معتبرٌ، فلا يجوز إعطاءُ طعامِ العشرةِ لواحدٍ، بل لابد من العشرة، لقوله تعالى: { فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ} [المائدة: 89].
قال ابن قدامة رحمه الله في «المغني»: «إذا وَجَدَ مَنْ عليه كفارة المساكين بكمال عددهم, لم يُجْزِئه إطعامُ أقل من عشَرةٍ في كفارة اليمين, ولا أقل من ستين في كفارة الظهار وكفارة الجماع في رمضان، وبهذا قال الشافعي؛ لقول الله تعالى: { فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ } [المائدة: 89]، ومن أطعم واحدًا فما أطعم عشرةً؛ فما امتثل الأمرَ, فلا يجزئه». اهـ(1).
وجاء في «فتاوى اللجنة الدائمة للإفتاء»: «كفارة اليمين إذا أخرجها من الطعام فلابد من استيعابِ عشرة مساكين، لكل مسكين نصفُ صاع من الطعام، ولا يجزئ فيها الاقتصارُ على فقير واحد ولو كرَّرها عليه عشرة أيام؛ لأن هذا خلاف النص»(2). اهـ.
أما بالنسبة لفديةِ الصيام فلعَلَّ الأمرَ في ذلك أوسع، ولكن الأحوطَ والأبرأَ للذمة هو استيعابُ العدد. والله تعالى أعلى وأعلم.
_________________
(1)«المغني» (10/7).
(2) «فتاوى اللجنة الدائمة للإفتاء» (23/21).